ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانبا من أحوال الظالمين يوم القيامة ، يوم تشهد عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، يوم يعلمون أن ما جاءهم به رسلهم حق لا ريب فيه ، فقال - تعالى - :
{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ . . . } .
الظرف فى قوله : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى 49 ؛ لنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } متعلق بمحذوف تقديره : اذكر .
وقوله : { يُوزَعُونَ } من الوزع وأصله الكف ، تقول : وزع فلان فلانا عن الشئ ، أى : كفه ومنعه عنه . ومنه قول الشاعر :
ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى . . . من الناس ، إلا وافر العقل كامله
والمراد هنا : أن يكف أولهم ويمنع عن التحرك حتى يرد آخرهم فيلحق بأولهم ، بحيث يجتمعون جميعا للحساب ثم يدعون إلى نار جهنم .
والمعنى : واذكر - أيها العاقل - يوم يحشر أعداء الله جميعا إلى النار ، بعد أن حوسبوا على أعمالهم السيئة { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أى : فهم يحبسون فى هذا اليوم العصيب حتى يلحق آخرهم بأولهم ، ويكفون جميعا عن الحركة حتى يقضى الله - تعالى - بقضائه العادل فيهم .
والتعبير بقوله : { أَعْدَآءُ الله } يدل على ذمهم ، وعلى أن ما أبهم من عذاب مهين . إنما هو بسبب عداوتهم لله - تعالى - ولرسله - صلوات الله عليهم - ، حيث أعرضوا عن الحق الذى جاءهم به الرسل من عند ربهم .
والتعبير بقوله { يُوزَعُونَ } يشعر بأنهم يحبسون ويمنعون عن الحركة بغلظة وزجر .
يقول تعالى : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي : اذكر لهؤلاء المشركين يوم يحشرون إلى النار {[25657]} { يُوزَعُونَ } ، أي : تجمع الزبانية أولهم على آخرهم ، كما قال تعالى : { وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا } [ مريم : 86 ] ، أي : عطاشا .
قوله تعالى : { ويوم } نصب بإضمار فعل تقديره : واذكر يوم .
وقرأ نافع وحده والأعرج وأهل المدينة : «نحشر » بالنون «أعداءَ » بالنصب ، إلا أن الأعرج كسر الشين . وقرأ الباقون : «يُحشر » بالياء المرفوعة ، «أعداءُ » رفعاً ، وهي قراءة الأعمش والحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وقتادة وعيسى وطلحة ونافع فيما روي عنه ، وحجتها { يوزعون } ، و : { أعداء الله } هم الكفار المخالفون لأمره .
و : { يوزعون } قال قتادة والسدي وأهل اللغة ، معناه : يكف أولهم حبساً على آخرهم{[10057]} ، وفي حديث أبي قحافة يوم الفتح : ذلك الوازع{[10058]} . وقال الحسن البصري : لا بد للقاضي من وزعة . وقال أبو بكر : إني لا أقيد من وزعة الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.