إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (19)

{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء الله } شروعٌ في بيانِ عقوباتِهم الآجلةِ إثرَ بيانِ عقوباتِهم العاجلةِ . والتعبيرُ عنهم بأعداءِ الله تعالى لذمِّهم والإيذانِ بعلةِ ما يحيقُ بهم منِ ألوانِ العذابِ ، وقيلَ : المرادُ بهم الكفارُ من الأولينَ والآخرينَ ويردُّه ما سيأتِي من قولِه تعالى : { فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ منَ الجن والإنس } [ سورة فصلت ، الآية25 . وسورة الأحقاف ، الآية18 ] وقُرئَ يَحْشُر على بناءِ الفاعلِ ونصبِ أعداءُ الله وبنونِ العظمةِ وضمِّ الشينِ وكسرِهَا { إِلَى النار } أيْ إلى موقفِ الحسابِ إذْ هناكَ تتحققُ الشهادةُ الآتيةُ لا بعد تمامِ السؤالِ والجوابِ وسَوقهم إلى النَّارِ والتعبير عنه بالنَّارِ إما للإيذانِ بأنَّها عاقبةُ حشرِهم وأنهم على شرفِ دخولِها وإما لأنَّ حسابَهُم يكونُ على شفيرِها . ويومَ إما منصوبٌ باذكُرْ أو ظرفٌ لمضمرٍ مُؤخرٍ قد حُذِفَ إيهاماٍ لقصورِ العبارةِ عن تفصيلِه كَما مرَّ في قولِه تعالَى : { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل } [ سورة المائدة ، الآية109 ] وقيل : ظرفٌ لما يدلُّ عليه قولُه تعالى { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي يُحبسُ أولهم على آخِرِهم ليتلاحقُوا وهو عبارةٌ عنْ كثرتِهم وقيل : يساقُون ويُدفعون إلى النَّارِ .