اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (19)

قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ الله إِلَى النار } الآية لما بين كيفية عقوبة أولئك لكفار في الدنيا أردفه ببيان كيفية عقوبتهم في الآخرة ليحصل تمام الاعتبار في الزجر والتحذير ، فقال : «ويوم يحشر » . في العامل في هذا الظرف وجهان :

أحدهما : محذوف دل عليه ما بعده من قوله «فَهُمْ يوزَعُونَ » تقديره : يساقُ{[48709]} الناسُ يَوْمَ يُحْشَر{[48710]} وقدره أبو البقاء يمنعون يوم يحشر{[48711]} .

الثاني : أنه منصوب باذكر ، أي اذكر يوم{[48712]} . وقرأ نافع «نَحْشُرُ » بنون العظمة وضم الشين «أَعْدَاءَ » نصباً أي نحشر نحن ، والباقون بياء الغيبة مضمومة والشين مفتوحة على ما لم يسم فاعله و«أَعْدَاءُ » رفعاً لقيامه مقام الفاعل{[48713]} .

ووجه الأول أنه معطوف على «وَنَجَّيْنَا » فيحسن أن يكون على وفقه في اللفظ ( يقويه ){[48714]} وقوله { يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين } [ مريم : 85 ] ، { وَحَشَرْنَاهُمْ } [ الكهف : 47 ] .

وحجة الثانية : أن قصة ثمود قد تمت وقوله : «وَيَوْمَ يُحْشَر » ابتداء كلام آخر وأيضاً الحاشرون لهم هم المأمورون بقوله : { احشروا الذين ظَلَمُواْ } [ الصافات : 22 ] وهم الملائكة ، وأيضاً موافقة لقوله : «فَهُمْ يُوزَعُونَ » وأيضاً فتقدير القراءة الأولى ، أن الله تعالى قال : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ الله } فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال : ويوم نَحْشُرُ أعداءنا إلى النار . وكسر الأعرج شين «يحشِر » . ثم قال : «فهم يُوزَعون » أي يساقون ، ويدفعون إلى النار{[48715]} . وقال قتادة والسدي : يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا{[48716]} . أي{[48717]} يوقف سوابقهم حتى يصل إليهم تواليهم .


[48709]:في ليساق.
[48710]:بتوضيح لكلام أبي البقاء من الدر المصون للسمين 4/728.
[48711]:انظر التبيان له 1125.
[48712]:السمين السابق.
[48713]:من القراءة المتواترة، ذكرها صاحب الإتحاف 381 وصاحب السبعة 576 وصاحب النشر 2/366 وابن خالويه في الحجة 317 وانظر الكشف لمكي 2/248.
[48714]:ما بين القوسين زيادة من الرازي ولاستقامة الكلام فهي ساقطة من النسختين.
[48715]:قال بهذه التوجيهات بالإضافة لمراجع القراءات السابقة الرازي في التفسير الكبير 27/115.
[48716]:البغوي 6/109.
[48717]:هذا التفسير قاله الرازي في مرجعه السابق.