التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (19)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانبا من أحوال الظالمين يوم القيامة ، يوم تشهد عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، يوم يعلمون أن ما جاءهم به رسلهم حق لا ريب فيه ، فقال - تعالى - :

{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ . . . } .

الظرف فى قوله : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى  49 ؛ لنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } متعلق بمحذوف تقديره : اذكر .

وقوله : { يُوزَعُونَ } من الوزع وأصله الكف ، تقول : وزع فلان فلانا عن الشئ ، أى : كفه ومنعه عنه . ومنه قول الشاعر :

ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى . . . من الناس ، إلا وافر العقل كامله

والمراد هنا : أن يكف أولهم ويمنع عن التحرك حتى يرد آخرهم فيلحق بأولهم ، بحيث يجتمعون جميعا للحساب ثم يدعون إلى نار جهنم .

والمعنى : واذكر - أيها العاقل - يوم يحشر أعداء الله جميعا إلى النار ، بعد أن حوسبوا على أعمالهم السيئة { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أى : فهم يحبسون فى هذا اليوم العصيب حتى يلحق آخرهم بأولهم ، ويكفون جميعا عن الحركة حتى يقضى الله - تعالى - بقضائه العادل فيهم .

والتعبير بقوله : { أَعْدَآءُ الله } يدل على ذمهم ، وعلى أن ما أبهم من عذاب مهين . إنما هو بسبب عداوتهم لله - تعالى - ولرسله - صلوات الله عليهم - ، حيث أعرضوا عن الحق الذى جاءهم به الرسل من عند ربهم .

والتعبير بقوله { يُوزَعُونَ } يشعر بأنهم يحبسون ويمنعون عن الحركة بغلظة وزجر .