التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (86)

ثم أرشدهم إلى أن ما عند الله خير وأبقى مما يجمعونه عن الطريق الحرام فقال : { بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } .

ولفظ { بقية } اسم مصدر من الفعل : بقى ، ضد : فنى . وإضافتها إلى الله - تعالى - إضافة تشريف وتيمن .

أى : ما يبقيه الله لكم من رزق حلال ، ومن حال صالح ، ومن ذكر حسن ، ومن أمن وبركة فى حياتكم . . . بسبب التزامكم بالقسط فى معاملاتكم ، هو خير لكم من المال الكثير الذى تجمعونه عن طريق بخس الناس أشياءهم .

وجملة " إن كنتم مؤمنين " معترضة لبيان أن هذه الخيرية لا تتم إلا مع الإِيمان .

أى : ما يبقيه الله لكم من الحلال . . . هو خير لكم ، إن كنتم مصدقين بما أرسلت به إليكم ، أما إذا لم تكونوا كذلك فلن تكون بقية الله خيرا لكم ، لأنها لا تكون إلا للمؤمنين ، فاستجيبوا لنصيحتى لتسعدوا فى دنياكم وآخرتكم .

وجملة " وما أنا عليكم بحفيظ " تحذير لهم من مخالفته بعد أن أدى ما عليه من بلاغ .

أى : وما أنا عليكم بحفيظ أحفظ لكم أعمالكم وأحاسبكم عليها ، وأجازيكم بها الجزاء الذى تستحقونه ، وإنما أنا ناصح ومبلغ ما أمرنى ربى بتبليغه ، وهو وحده - سبحانه - الذى سيتولى مجازاتكم .

وإلى هنا نجد شعيباً - عليه السلام - قد أرشد قومه إلى ما يصلحهم فى عقائدهم ، وفى معاملاتهم ، وفى صلاتهم بعضهم ببعض ، وفى سلوكهم الشخصى ، بأسلوب حكيم جامع لكل ما يسعد ويهدى للتى هى أقوم .

فماذا كان رد قومه عليه ؟

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (86)

وقوله : { بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ } قال ابن عباس : رزق الله خَيْر لكم .

وقال الحسن : رزق الله خير [ لكم ]{[14862]} من بخسكم الناس .

وقال الربيع بن أنس : وصية الله خير لكم .

وقال مجاهد : طاعة الله [ خير لكم ]{[14863]} .

وقال قتادة : حظكم من الله خير لكم .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : " الهلاك " في العذاب ، و " البقية " في الرحمة .

وقال أبو جعفر بن جرير : { بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ } أي : ما يفضُل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان { خَيْرٌ لَكُمْ } أي : من أخذ أموال الناس قال : وقد روي هذا عن ابن عباس .

قلت : ويشبه قوله تعالى : { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } [ المائدة : 100 ] .

وقوله : { وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } أي : برقيب ولا حفيظ ، أي : افعلوا ذلك لله عز وجل . لا تفعلوه{[14864]} ليراكم الناس ، بل لله عز وجل .


[14862]:- زيادة من ت ، أ.
[14863]:- زيادة من ت ، أ.
[14864]:- في ت ، "لا تفعلوا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (86)

{ بقيّتُ الله } ما أبقاه لكم من الحلال بعد التنزه عما حرم عليكم . { خير لكم } مما تجمعون بالتطفيف . { إن كنتم مؤمنين } بشرط أن تؤمنوا فإن خيريتها باستتباع الثواب مع النجاة وذلك مشروط بالإيمان . أو إن كنتم مصدقين لي في قولي لكم . وقيل البقية الطاعة كقوله : { والباقيات الصالحات } وقرئ " تقية " الله بالتاء وهي تقواه التي تكف عن المعاصي .

{ وما أنا عليكم بحفيظ } أحفظكم عن القبائح ، أو أحفظ عليكم أعمالكم فأجازيكم عليها وإنما أنا ناصح مبلغ وقد أعذرت حين أنذرت ، أو لست بحافظ عليكم نعم الله لو لم تتركوا سوء صنيعكم .