البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (86)

بقية الله قال ابن عباس : ما أبقى الله لكم من الحلال بعد الإيفاء خير من البخس ، وعنه رزق الله .

وقال مجاهد والزجاج : طاعة الله .

وقال قتادة : حظكم من الله .

وقال ابن زيد : رحمة الله .

وقال قتادة : ذخيرة الله .

وقال الربيع : وصية الله .

وقال مقاتل : ثواب الله في الآخرة ، وذكر الفراء : مراقبة الله .

وقال الحسن : فرائض الله .

وقيل : ما أبقاه الله حلالاً لكم ولم يحرمه عليكم .

قال ابن عطية : وهذا كله لا يعطيه لفظ الآية ، وإنما المعنى عندي إبقاء الله عليكم إن أطعتم .

وقوله : إن كنتم مؤمنين ، شرط في أن يكون البقية خيراً لهم ، وأما من الكفر فلا خير لهم في شيء من الأعمال .

وجواب هذا الشرط متقدم .

والحفيظ المراقب الذي يحفظ أحوال من يرقب ، والمعنى : إنما أنا مبلغ ، والحفيظ المحاسب هو الذي يجازيكم بالأعمال انتهى .

وليس جواب الشرط متقدماً كما ذكر ، وإنما الجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه على مذهب جمهور البصريين .

وقال الزمخشري : وإنما خوطبوا بترك التطفيف والبخس والفساد في الأرض وهم كفرة بشرط الإيمان ، ويجوز أن يريد ما يبقى لهم عند الله من الطاعات كقوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً } وإضافة البقية إلى الله من حيث أنها رزقه الذي يجوز أن يضاف إليه ، وأما الحرام فلا يجوز أن يضاف إلى الله ، ولا يسمى رزقاً انتهى ، على طريق المعتزلة في الرزق ، وقرأ إسماعيل بن جعفر عن أهل المدينة : بقية بتخفيف الياء .

قال ابن عطية : هي لغة انتهى .

وذلك أن قياس فعل اللازم أن يكون على وزن فعل نحو : سجيت المرأة فهي سجية ، فإذا شددت الياء كان على وزن فعيل للمبالغة .

وقرأ الحسن : تقية بالتاء ، وهي تقواه ومراقبته الصارفة عن المعاصي .