نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (86)

ولما كان نظرهم بعد الشرك مقصوراً على الأموال ، وكان نهيه عما نهى عنه موجباً لمحقها{[39942]} في زعمهم ، كانوا كأنهم قالوا : {[39943]}إنا إذا{[39944]} اتبعناك فيما قلت فنيت أموالنا أو قلت فتضعضعت أحوالنا ، فلا يبقى لنا شيء ؟ فقال : { بقيت الله } أي فضل الملك الأعلى {[39945]}المستجمع لصفات{[39946]} الكمال ، وبركته في أموالكم وجميع أحوالكم وإبقائه عليكم نظره إليكم الموجب لعفوه الذي هو{[39947]} ثمرة اتباع أمره { خير لكم } مما تظنونه زيادة بالنقص والظلم ، وذلك أن بقية الشيء ما فضل منه ، وتكون{[39948]} أيضاً بمعنى البقيا{[39949]} ، من أبقى عليه يبقي إبقاء ، واستبقيت فلاناً - إذا عفوت عن ذنبه ، كأن ذلك الذنب أوجب فناء وده أو فناه عندك ، فإذا استبقيته فقد تركت ما كان وجب ، ويقولون : أراك تبقي هذا ببصرك - إذا كان ينظر إليه - قاله الإمام أبو عبد الله القزاز في ديوانه الجامع ، وسيأتي في آخر السورة بيان ما تدور عليه المادة .

ولما كانت{[39950]} خيرية ما يبقيه العدل من الظهور بمحل لا يخفى على ذي لب ، تركها وبين شرطها بقوله : { إن كنتم } أي جبلة وطبعاً { مؤمنين } أي راسخين في الإيمان إشارة إلى أن خيريتها{[39951]} لغير المؤمن مبنية على غير أساس ، فهي غير مجدية{[39952]} إلا في الدنيا ، فهي عدم لسرعة الزوال والنزوح عنها والارتحال ، ودلت الواو العاطفة على غير مذكور أن المعنى : فآمنوا فاعلين ما أمرتكم به لتظفروا بالخير فإنما أنا نذير { وما أنا } وقدم ما يتوهمونه من قصده للاستعلاء نافياً{[39953]} له فقال : { عليكم } وأغرق في النفي فقال : { بحفيظ* } أعلم جميع أعمالكم وأحوالكم{[39954]} وأقدر على كفكم عما يكون منها{[39955]} فساداً ؛ {[39956]}وأصل البقية ترك شيء من شيء قد مضى{[39957]} .


[39942]:في ظ: لحقها.
[39943]:من مد، وفي الأصل: إذا أنا، وفي ظ: أنا.
[39944]:من مد، وفي الأصل: إذا أنا، وفي ظ: أنا.
[39945]:في ظ: المحيط لصفات، وفي مد: المحيط بصفات.
[39946]:في ظ: المحيط لصفات، وفي مد: المحيط بصفات.
[39947]:سقط من ظ.
[39948]:من ظ ومد، وفي الأصل: يكون.
[39949]:في ظ: البقايا.
[39950]:في ظ: كان.
[39951]:من ظ ومد، وفي الأصل: خيرتها.
[39952]:من ظ ومد، وفي الأصل: محرية.
[39953]:من ظ ومد، وفي الأصل: ـ كذا.
[39954]:زيد من مد.
[39955]:من ظ ومد، وفي الأصل: منهما.
[39956]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[39957]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.