التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

وقوله - تعالى - : { فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } إرشاد وتسلية من الله - تعالى - لنبيه . أى : فأعرض عنهم ، ولا تطمع فى إيمانهم لشدة كفرهم ، { وَقُلْ سَلاَمٌ } أى : وقل لهم : أمرى وشأنى الآن مسالمتكم ومتاركتكم . . { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } سوء عاقبة كفرهم وإصرارهم على باطلهم .

وبعد : فهذا تفسير لسورة " الزخرف " نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

وقوله : { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ } أي : المشركين ، { وَقُلْ سَلامٌ } أي : لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيئ ، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلا وقولا { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ{[26157]} } ، هذا تهديد منه تعالى لهم ، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد ، وأعلى دينه وكلمته ، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب .

آخر تفسير سورة الزخرف


[26157]:- (5) في م: "تعلمون".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، جوابا له عن دعائه إياه إذ قال : «يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون » فاصْفَحْ عَنْهُمْ يا محمد ، وأعرض عن أذاهم وَقُلْ لهم سَلامٌ عليكم ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة «فَسَوْفَ تَعْلَمونَ » بالتاء على وجه الخطاب ، بمعنى : أمر الله عزّ وجلّ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك للمشركين ، مع قوله : سَلامٌ ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء مكة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بالياء على وجه الخبر ، وأنه وعيد من الله للمشركين ، فتأويله على هذه القراءة : فاصْفَحْ عَنْهُمْ يا محمد وقُلْ سَلامٌ . ثم ابتدأ تعالى ذكره الوعيدَ لهم ، فقال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم ، ثم نسخ الله جلّ ثناؤه هذه الاَية ، وأمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بقتالهم . كما :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ قال : اصفح عنهم ، ثم أمره بقتالهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله تبارك وتعالى يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

وقوله : { فاصفح عنهم } موادعة منسوخة بآيات السيف .

وقوله : { سلام } تقديره : وقل أمري سلام ، أي مسالمة . ( وقالت فرقة ) المعنى : وقل سلام عليكم على جهة الموادعة والملاينة ، والنسخ قد أتى على هذا السلام ، فسواء كان تحية أو عبارة عن الموادعة .

وقرأ جمهور القراء : «يعلمون » بالياء . وقرأ نافع وابن عامر في رواية هشام عنه والحسن والأعرج وأبو جعفر : «تعلمون » بالتاء من فوق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (89)

الفاء فصيحة لأنها أفصحت عن مقدر ، أي إذْ قلتَ ذلك القيل وفوضتَ الأمر إلينا فسأتَولى الانتصاف منهم فاصفح عنهم ، أي أعرض عنهم ولا تحزن لهم وقل لهم إن جادلوك : { سلامٌ } ، أي سلمنا في المجادلة وتركناها . t وأصل { سلام } مصدر جاء بدلاً من فعله . فأصله النصب ، وعدل إلى رفعه لقصد الدلالة على الثبات كما تقدم في قوله : { الحمد لله ربّ العالمين } [ الفاتحة : 2 ] .

يقال : صَفح يصفح من باب منع بمعنى : أعرضَ وترك ، وتقدم في أول السورة { أفنضربُ عنكم الذكر صفحاً } [ الزخرف : 5 ] ولكن الصفح المأمور به هنا غير الصفح المُنكَر وقوعُه في قوله : { أفنضرب عنكم الذكر صَفحاً . وفرع عليه فسوف تعلمون } تهديداً لهم ووعيداً . وحذف مفعول { تعلمون } للتهويل لتذهب نفوسهم كل مذهب ممكن . وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ورَوْح عن يعقوب { تعلمون } بالمثناة الفوقية على أن { فسوف تعلمون } مما أمر الرسول بأن يقوله لهم ، أي وقل سوف تعلمون . وقرأه الجمهور بياء تحتية على أنه وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه منتقم من المكذبين .

وما في هذه الآية من الأمر بالإعراض والتسليم في الجدال والوعيد ما يؤذن بانتهاء الكلام في هذه السورة وهو من براعة المقطع .