وقوله : ( وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ ) يقول : وإن لسليمان عندنا لقُرْبةً بإنابته إلينا وتوبته وطاعته لنا ، وحُسْنَ مآب : يقول : وحسن مرجع ومصير في الاَخرة ، كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ : أي مصير .
إن قال لنا قائل : وما وجه رغبة سليمان إلى ربه في الملك ، وهو نبيّ من الأنبياء ، وإنما يرغب في الملك أهل الدنيا المؤثِرون لها على الاَخرة ؟ أم ما وجه مسألته إياه ، إذ سأله ذلك مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وما كان يضرّه أن يكون كلّ من بعده يُؤْتيَ مثلَ الذي أوتي من ذلك ؟ أكان به بخل بذلك ، فلم يكن من مُلكه ، يُعطي ذلك من يُعطاه ، أم حسد للناس ، كما ذُكر عن الحجاج بن يوسف فإنه ذكر أنه قرأ قوله : وَهَبْ لي مُلْكا لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فقال : إن كان لحسودا ، فإن ذلك ليس من أخلاق الأنبياء قيل : أما رغبته إلى ربه فيما يرغب إليه من المُلك ، فلم تكن إن شاء الله به رغبةٌ في الدنيا ، ولكن إرادةٌ منه أن يعلم منزلته من الله في إجابته فيما رغب إليه فيه ، وقبوله توبته ، وإجابته دعاءَه .
وأما مسألته ربه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فإنا قد ذكرنا فيما مضى قبلُ قولَ من قال : إن معنى ذلك : هب لي مُلكا لا أُسلبه كما سْلِبتُه قبل . وإنما معناه عند هؤلاء : هب لي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يَسلُبنيه . وقد يتجه ذلك أن يكون بمعنى : لا ينبغي لأحد سواي من أهل زماني ، فيكون حجة وعَلَما لي على نبوّتي وأني رسولك إليهم مبعوث ، إذ كانت الرسل لا بدّ لها من أعلام تفارق بها سائر الناس سواهم . ويتجه أيضا لأن يكون معناه : وهب لي مُلكا تَخُصّنِي به ، لا تعطيه أحدا غيري تشريفا منك لي بذلك ، وتكرمة ، لتبين منزلتي منك به من منازل من سواي ، وليس في وجه من هذه الوجوه مما ظنه الحجاج في معنى ذلك شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.