التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (79)

ثم حكى القرآن بعد ذلك مظهرا آخر من مظاهر غرور قارون وبطره فقال : { فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } والجملة الكريمة معطوفة على قوله قبل ذلك { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي } وما بينهما اعتراض . والزينة : اسم ما يتزين به الإنسان من حلى أو ثياب أو ما يشبهها .

أى : قال ما قال قارون على سيبل الفخر والخيلاء ، ولم يكتف بهذا القول بل خرج على قومه فى زينة عظيمة . وأبهة فخمة ، فيها ما فيها من ألوان الرياش والخدم .

وقد ذكر بعض المفسرين روايات متعددة ، فى زينته التى خرج فيها ، رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها ، ويكفى أن نعلم أنها زينة فخمة ، لأنه لم يرد نص فى تفاصيلها .

وأمام هذه الزينة الفخمة التى خرج فيها قارون ، أنقسم الناس إلى فريقين ، فريق استهوته هذه الزينة ، وتمنى أن يكون له مثلها ، وقد عبر القرآن عن هذا الفريق بقوله : { قَالَ الذين يُرِيدُونَ الحياة الدنيا ياليت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } .

أى : خرج قارون على قومه فى زينته ، فما كان من الذين يريدون الحياة الدنيا وزخارفها من قومه ، إلا أن قالوا على سبيل التمنى والانبهار . . . يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون من مال وزينة ورياش ، إنه لذو حظ عظيم ، ونصيب ضخم ، من متاع الدنيا وزينتها .

هكذا قال الذين يريدون الحياة الدنيا . وهم الفريق الأول من قوم قارون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (79)

يقول تعالى مخبرًا عن قارون : إنه خرج ذات يوم على قومه في زينة عظيمة ، وتجمل باهر ، من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه ، فلما رآه مَنْ يريد الحياة الدنيا ويميل إلى زُخرفها وزينتها ، تمنوا أن لو كان لهم مثل الذي أعطي ، قالوا : { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي : ذو حظ وافر من الدنيا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَخَرَجَ عَلَىَ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره : فخرج قارون على قومه في زينته ، وهي فيما ذكر ثياب الأُرْجُوان . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا طلحة بن عمرو ، عن أبي الزبير ، عن جابر فخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : في القِرْمز .

قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : في ثياب حُمْر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد فخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : على بَراذين بِيض ، عليها سروج الأُرْجُوان ، عليهم المعصفرات .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد فخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : عليه ثوبان مُعَصْفران .

وقال ابن جُرَيج : على بغلة شهباء عليها الأُرجوان ، وثلاث مِئة جارية على البغال الشّهْب ، عليهنّ ثياب حمر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ويحيى بن يمان ، عن مبارك ، عن الحسن فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : في ثياب حُمر وصُفر .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، أنه سمع إبراهيم النخَعِيّ ، قال في هذه الاَية فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : في ثياب حمر .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن إبراهيم النخعيّ ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا غندر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن إبراهيم مثله .

حدثنا محمد بن عمرو بن عليّ المقدمي ، قال : حدثنا إسماعيل بن حكيم ، قال : دخلنا على مالك بن دينار عشية ، وإذا هو في ذكر قارون ، قال : وإذا رجل من جيرانه عليه ثياب مُعَصفرة ، قال : فقال مالك : فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : في ثياب مثل ثياب هذا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ : ذُكر لنا أنهم خرجوا على أربعة آلاف دابة ، عليهم وعلى دوابهم الأُرجُوان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قال : خرج في سبعين ألفا ، عليهمُ المعصفرات ، فيما كان أبي يذكر لنا .

قالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدّنْيا : يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ يقول تعفالى ذكره : قال الذين يريدون زينة الحياة الدنيا من قوم قارون : يا ليتنا أُعطينا مثل ما أعطى قارون من زينتها إنّهُ لَذُو حَظَ عَظِيمٍ يقول : إن قارون لذو نصيب من الدنيا .