روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (79)

{ فَخَرَجَ على قَوْمِهِ } عطف على { قال } [ القصص : 78 ] وما بينهما اعتراض ، وقوله تعالى : { في زِينَتِهِ } إما متعلق بخرج أو بمحذوف هو حال من فاعله أي فخرج عليهم كائناً في زينته . قال قتادة : ذكر لنا أنه خرج هو وحشمه على أربعة آلاف دابة عليهم ثياب حمر منها ألف بغلة بيضاء وعلى دوابهم قطائف الأرجوان . وقال السدى : خرج في جوار بيض على سروح من ذهب على قطف أرجوان وهن على بغال بيض عليهن ثياب حمر وحلى ذهب ، وقيل : خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف خادم عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر وعلى يمينه ثلثمائة غلام وعلى يساره ثلثمائة جارية بيض عليهن الحلى والديباج .

/ وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه خرج في سبعين ألفاً عليهم المعصفرات ، وكان ذلك أول يوم في الأرض رؤيت المعصفرات فيه ، وقيل غير ذلك من الكيفيات ، وكان ذلك الخروج على ما قيل يوم السبت { قَالَ الذين يُرِيدُونَ الحياة الدنيا الدنيا يا ليت لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قارون } قيل كانوا جماعة من المؤمنين ، وقالوا ذلك جرياً على سنن الجبلة البشرية من الرغبة في السعة واليسار . وعن قتادة أنهم تمنوا ذلك ليتقربوا به إلى الله تعالى وينفقوه في سبيل الخير ، ولعل إرادتهم الحياة الدنيا ليتوصلوا بها للآخرة لا لذاتها فإن إرادتها لذاتها ليست من شأن المؤمنين ، وقيل : كانوا كفاراً ومنافقين ، وتمنيهم مثل ما أوتي دونه نفسه من باب الغبط ولا ضرر فيه على المشهور ، وقيل : ضرره دون ضرر الحسد «فقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل يضر الغبط ؟ فقال : لا إلا كما يضر العضاة الحبط » وفي الكشاف الظاهر أنه نفي للضرر على أبلغ وجه فإن الشجر ربما ينتفع بالحبظ فضلاً عن التضرر ، وفيه أنه قد يفضي إلى الضرر إشارة إلى متعلق الغبط من ديني أو دنيوي ، وقائل ذلك إن كان الكفرة ففيه من ذم الحسد ما فيه { إِنَّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ } قال الضحاك : أي درجة عظيمة ، وقيل نصيب كثير من الدنيا ، والحظ البخت والسعد ، ويقال : فلأن ذو حظ وحظيظ ومحظوظ ، والجملة تعليل لتمنيهم وتأكيد له .