التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

ثم ذكر - سبحانه - جانبا من رد المشركين السيئ على من يدعوهم إلى الخير ، ومن جهالاتهم حيث تعجلوا العذاب الذى لا محيص لهم عنه ، ومن أحوالهم عندقيام الساعة ، فقال - تعالى - :

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ . . . } .

قوله - تعالى - : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ . . . } حكاية لموقف المشركين من الناصحين لهم ، ويكف أنهم صموا آذانهم عن سماع الآيات التنزيلية ، بعد صممهم عن التفكر فى الآيات التكوينية .

أى : وإذا قال قائل لهؤلاء المشركين على سبيل النصح والإِرشاد : { اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أى : احذروا ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر ، وصونوا أنفسكم عن ارتكاب المعاصى التى ارتكبها الظالمون من قبلكم ، فأهلكوا بسببها وأبيدوا ، وآمنوا بالله ورسوله واعملوا العمل الصالح ، لعلكم بسبب ذلك تنالون الرحمة من الله - تعالى - .

وجواب " إذ " محذوف دل عليه ما بعده ، والتقدير : إذا قيل لهم ذلك أعرضوا عن الناصح ، واستخفوا به ، وتطاولوا عليه .

ويشهد لهذا الجواب المحذوف قوله - تعالى - بعد ذلك : { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

يقول تعالى مخبرًا عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم ، وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها ، وما هم يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } قال مجاهد : من الذنوب . وقال غيره بالعكس ، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي : لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ آيَةٍ مّنْ آيَاتِ رَبّهِمْ إِلاّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء المشركين بالله ، المكذّبين رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم : احذروا ما مضى بين أيديكم من نقم الله وَمثُلاته بمن حلّ ذلك به من الأمم قبلكم أن يحلّ مثله بكم بشرككم وتكذيبكم رسوله . وَما خَلْفَكُمْ يقول : وما بعد هلاككم مما أنتم لاقوه إن هلكتم على كفركم الذي أنت عليه لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ يقول : ليرحمكم ربكم إن أنتم حذرتم ذلك ، واتقيتموه بالتوبة من شرككم والإيمان به ، ولزوم طاعته فيما أوجب عليكم من فرائضه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اتّقُوا ما بينَ أيْدِيكُمْ } : وقائع الله فيمن خلا قبلهم من الأمم وما خلفهم من أمر الساعة . وكان مجاهد يقول في ذلك ما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ما بينَ أيْدِيكُمْ } قال : ما مضى من ذنوبهم .

وهذا القول قريب المعنى من القول الذي قلنا ، لأن معناه : اتقوا عقوبة ما بين أيديكم من ذنوبكم ، وما خلفكم مما تعملون من الذنوب ولم تعملوه بعد ، فذلك بعد تخويف لهم العقاب على كفرهم .