التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ} (20)

{ إِنِّي ظَنَنتُ } أى : تيقنت وعلمت { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } أى : إنى علمت أن يوم القيامة حق ، وتيقنت أن الحساب والجزاء صدق ، فأعددت للأمر عدته عن طريق الإِيمان الكامل ، والعمل الصالح .

قال الضحاك : كل ظن فى القرآن من المؤمن فهو يقين ، ومن الكافر فهو شك .

وهذه الجملة الكريمة بمنزلة التعليل للبهجة والمسرة التى دل عليها قوله - تعالى - { هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ} (20)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

أني علمت أني ملاق حسابيه إذا وردت يوم القيامة على ربي...

عن ابن عباس، قوله:"إنّي ظَنَنْت أنّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ "يقول: أيقنت...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقوله: {ظننت...}، عبارة عن إيمانه بالبعث وغيره، قال قتادة: ظن هذا ظناً يقيناً فنفعه، وقوم ظنوا ظن الشك فشقوا به، و {ظننت} هنا واقعة موقع تيقنت وهي في متيقن لم يقع بعد ولا خرج إلى الحس، وهذا هو باب الظن الذي يوقع موقع اليقين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت حقيقة الحساب ذكر الأعمال والمجازاة عليها، وكان الآدمي -لأنه مجبول على النقص- لا يقدر أن يقدر الله حق قدره، وكلما كان الإنسان أعلى كان الاستشعار والنقص من نفسه أكثر، وكان من نوقش الحساب -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- عذب، قال مؤكداً لأن من يرى حاله وكتابه ينكر أن يكون له ذنب أو منه تقصير: {إني ظننت} أي في هذا اليوم خوفاً من سوء أعمالي التي أعرفها من نفسي {أني ملاق} أي ثابت لي ثباتاً لا ينفك أني ألقى بين يدي الديان {حسابيه} لأني كنت جامعاً كما أمرت بين الخوف والرجاء، فأخاف أن يقابل بين حسناتي وبين النعم فلا تقوم لي أصغر نعمة فأعذب على سيئاتي وأرجو غفرانه، فحقق سبحانه رجائي وأمن خوفي، فعلمت الآن أني لا أناقش الحساب، وإنما حسابي العرض وهو الحساب اليسير بأن تعرض أعمالي فلا أجازى على سيئها، وأثاب على حسنها مناً ورحمة وفضلاً ونعمة، ويجوز أن يكون الظن في الدنيا، عبر به عن اليقين إشارة إلى أنه يكفي العاقل في الخوف الحامل له على العمل ظن الخطر، وفيه إشعار بهضم النفس لأن الإنسان لا ينفك عن خطرات من الشبه تعرض له وتهجم عليه، وإيذان بأن مثل ذلك لا يقدح في الجزم بالاعتقاد، وتنبيه على أنه يكفي في إيجاب العمل الظن فيكون حينئذ تعليلاً لإعطاء الكتاب باليمين، وفيه تبكيت للكفار، ونداء عليهم بأنهم لم يصلوا في هذا الأمر المحقق إلى مرتبة الظن، فكيف بالمحقق من العلم فأهملوا العمل له فخالفوا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وحقيقة الظن: عِلم لم يتحقق؛ إِما لأن المعلوم به لم يقع بعدُ ولم يخرج إلى عالم الحس، وإِما لأن علم صاحبه مخلوط بشك. وبهذا يكون إطلاق الظن على المعلوم المتيقن إطلاقاً حقيقياً.

الشعراوي -1419هـ.

لم يقل: الذين يتيقنون أنهم ملاقو ربهم، لماذا لم يستخدم الحق تعالى لفظ اليقين وأبدله بالظن؟ فمجرد الظن أنك ملاق الله سبحانه كاف أن يجعلك تلتزم بالمنهج، فما بالك إذا كنت متيقنا، فمجرد الظن يكفي، فمجرد أن القضية راجحة هذا يكفي لاتباع منهج الله فتقي نفسك من عذاب عظيم.