التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (53)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أن الحكمة فى إلقاء الشيطان لشبهه وضلالته هى امتحان الناس فقال : { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ والقاسية قُلُوبُهُمْ . . . } .

أى : فعل ما فعل - سبحانه - ليجعل ما يلقيه الشيطان من تلك الشبه فى القلوب فتنة واختبارا وامتحانا ، للذين فى قلوبهم مرض ، أى : شك وارتياب ، وهم المنافقون ، وللذين قست قلوبهم ، وهم الكافرون المجاهرون بالجحود والعناد .

فقوله - تعالى - : { لِّيَجْعَلَ . . . } متعلق ب { أَلْقَى } أى : ألقى الشيطان فى أمنية الرسل والأنبياء ليجعل الله - تعالى - ذلك لإلقاء فتنة الذين فى قلوبهم مرض .

ومعنى كونه فتنة لهم : أنه سبب لتماديهم فى الضلال ، وفى إصرارهم على الفسوق والعصيان .

ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة الفريقين فقال : { وَإِنَّ الظالمين } ، وهم من فى قلوبهم مرض ، ومن قست قلوبهم { لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أى لفى خلاف للحق شديد . بسبب نفاقهم وكفرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (53)

42

52

فأما الذين في قلوبهم مرض من نفاق أو انحراف ، والقاسية قلوبهم من الكفار المعاندين ؛ فيجدون في مثل هذه الأحوال مادة للجدل واللجاج والشقاق : ( وإن الظالمين لفي شقاق بعيد ) .

/خ54

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (53)

اللامان في قوله { ليجعل } وفي قوله { وليعْلَمَ } متعلقان بفعل { ينسخ الله } فإن النسخ يقتضي منسوخاً ، وفي { يجعل } ضميرٌ عائد إلى الله في قوله : { فينسخ الله } .

والجعل هنا : جَعل نظام ترتب المسببات على أسبابها ، وتكويننِ تفاوت المدارك ومراتب درجاتها . فالمعنى : أنّ الله مكّن الشيطان من ذلك الفعل بأصل فطرته من يوم خلق فيه داعية الإضلال ، ونسخ ما يلقيه الشيطان بواسطة رسُله وآياته ليكون من ذلك فتنة ضلال كفر وهدي إيمان بحسب اختلاف القابليات . فهذا كقوله تعالى : { قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين } [ الحجر : 39 -40 ] .