الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (53)

قوله : { لِّيَجْعَلَ } : في متعلَّق هذه اللامِ ثلاثةُ أوجهٍ ، أظهرُها : أنها متعلقةٌ ب " يُحْكِم " أي : يُحْكِم اللهُ آياتِه ليجعلَ . وقولُه : { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } جملةُ اعتراضٍ . وإليه نحا الحوفيُّ . والثاني : أنها متعلقةٌ ب " يَنْسَخُ " وإليه نحا ابن عطية . وهو ظاهرٌ أيضاً . الثالث : أنها متعلقةٌ بأَلْقَى ، وليس بظاهر . وفي اللامِ قولان ، أحدهما : أنها للعلةِ ، والثاني : أنها للعاقبةِ . و " ما " في قولِه { مَا يُلْقِي } الظاهرُ : أنَّها/ بمعنى الذي ، ويجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً .

قوله : { وَالْقَاسِيَةِ } أل في " القاسية " موصولةٌ ، والصفةُ صلتُها ، و " قلوبُهم " فاعلٌ بها ، والضميرُ المضافُ إليه هو عائدُ الموصول وأُنِّثَتْ الصلةُ لأنَّ مرفوعَها مؤنثُ مجازي ، ولو وُضع فعلٌ موضعَها لجاز تأنيثُه . و " القاسيةِ " معطوفٌ على " الذين " أي : فتنةً للذين في قلوبِهم مَرَضٌ وفتنةً للقاسيةِ قلوبُهم .

قوله : { وَإِنَّ الظَّالِمِينَ } مِنْ وَضْع الظاهرِ مَوْضِعَ المضمرِ ؛ إذ الأصلُ : " وإنهم في ضلال " ولكن أُبْرِزُوا ظاهرين للشهادةِ عليهم بهذه الصفةِ الذَّميمةِ .