السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (53)

ولما ذكر سبحانه وتعالى ما حكم به من تمكين الشيطان من هذا الإلقاء ذكر العلة في ذلك بقوله تعالى :

{ ليجعل ما يلقي الشيطان } أي : في المتلو أو المحدّث به من تلك الشبهة في قلوب أوليائه على التفسير الأوّل ، وعلى الثاني وغيره يؤوّل بما يناسبه { فتنة } أي : اختباراً وامتحاناً { للذين في قلوبهم مرض } أي : شك ونفاق { والقاسية } أي : الجافية { قلوبهم } عن قول الحق وهم المشركون { وإنّ الظالمين } أي : الواضعين لأقوالهم وأفعالهم في غير مواضعها كفعل من هو في الظلام { لفي شقاق } أي : خلاف لكونهم في شق غير شق حزب الله بمعاجزتهم في الآيات بتلك الشبهة التي تلقوها من الشيطان ، وجادلوا بها أولياء الرحمن { بعيد } عن الصواب { لتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون } [ الأنعام ، 113 ] ، وعلى ثبوت ذكر القصة وجرى عليه الجلال المحلي ؛ قال : إنهم في خلاف طويل مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حيث جرى على لسانه ذكر آلهتهم بما يرضيهم ، ثم أبطل ذلك .