التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

ثم انتقل - سبحانه - من الحديث عن قبائحهم المتعلقة بوحدانية الله تعالى ، وبشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديث عن رذيلة أخرى من رذائلهم المتكاثرة ، ألا وهى إنكارهم للبعث والحساب ، فقال - تعالى - : { بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً } .

أى ؛ إن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا باتخاذ آلهة من دون الله - تعالى - ، ولم يكتفوا بالسخرية من رسوله صلى الله عليه وسلم بل أضافوا إلى ذلك أنهم كذبوا بيوم القيامة وما فيه من بعث وحشر وثواب وعقاب . والحال أننا بقدرتنا وإرادتنا قد أعددنا وهيأنا لمن كذب بهذا اليوم سعيرا . أى : نارا عظيمة شديدة الاشتعال .

وقال - سبحانه - : { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة } ولم يقل : لمن كذب بها . للمبالغة فى التشنيع عليهم ، والزجر لهم ، إذ أن التكذيب بها كفر يستحق صاحبه الخلود فى النار المستعرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

وعند هذا الحد من استعراض مقولاتهم الظالمة عن الله وعلى رسول الله ، يكشف عن مدى آخر من آماد كفرهم وضلالهم . فهم يكذبون بالساعة ، ومن ثم لا يتحرجون من ظلم ولا افتراء ، ولا يخشون يوما يلقون فيه الله فيحاسبهم على الظلم والافتراء . وهنا يصورهم في مشهد من مشاهد القيامة يزلزل القلوب الصلدة ويهز المشاعر الخامدة ، ويطلعهم على هول ما ينتظرهم هناك ؛ وعلى حسن ما ينتظر المؤمنين في ذلك الهول العظيم :

( بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ، إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ، وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا . لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) !

قل : أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا ، لهم فيها ما يشاءون خالدين ، كان على ربك وعدا مسؤلا ? . .

بل كذبوا بالساعة . . وبلغوا هذا المدى من الكفر والضلال . هذا المدى الذي يصوره التعبير بعيدا متطاولا ، يضرب عن كل ما قبله ليبرزه ويجسمه : ( بل كذبوا بالساعة ) . . . ثم يكشف عن الهول الذي ينتظر أصحاب هذه الفعلة الشنيعة . إنها السعير حاضرة مهيأة : ( وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) . .

والتشخيص - ونعني به خلع الحياة وتجسيمها على ما ليس من شأنه الحياة المجسمة من الأشياء والمعاني والحالات النفسية - فن في القرآن ، يرتفع بالصور وبالمشاهد التي يعرضها إلى حد الإعجاز ، بما يبث فيها من عنصر الحياة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

المعنى ليس بهم في تكذيبك ومشيك في الأسواق بل إنهم كفرة لا يفقهون الحق ، فقوله { بل } ترك لنفس اللفظ المتقدم لا لمعناه على ما تقتضيه «بل » في مشهور معناها ، { وأعتدنا } جعلنا معداً ، والعتاد ما يعد من الأشياء ، و «السعير » طبق من أطباق . جهنم .