ثم بين - سبحانه - سننه فى الأمم الماضية فقال : { وَتِلْكَ القرى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } .
واسم الاشارة " تلك " تعود إلى القرى المهلكة بسبب كفرها وفسوقها عن أمر ربها ، كقرى قوم نوح وهود وصالح - عليهم السلام - .
والقرى : جمع قرية والمراد بها أهلها الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والجحود .
أى : وتلك القرى الماضية التى أصر أهلها على الكفر والفسوق والعصيان أهلكناهم بعذاب الاستئصال فى الدنيا ، بسبب هذا الكفر والظلم ، وجعلنا لوقت هلاكهم موعدا لا يتأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون .
ولقد ظلموا فكانوا مستحقين للعذاب أو الهلاك كالقرى قبلهم . لولا أن الله قدر إمهالهم إلى موعدهم ، لحكمة اقتضتها إرادته فيهم ، فلم يأخذهم أخذ القرى ؛ بل جعل لهم موعدا آخر لا يخلفونه :
( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا . وجعلنا لمهلكهم موعدا ) . .
فلا يغرنهم إمهال الله لهم ، فإن موعدهم بعد ذلك آت . وسنة الله لا تتخلف . والله لا يخلف الميعاد . .
{ وتلك القرى } يعني قرى عاد وثمود وأضرابهم ، { وتلك } مبتدأ خبره . { أهلكناهم } أو مفعول مضمر مفسر به ، و{ القرى } صفته ولا بد من تقدير مضاف في أحدهما ليكون مرجع الضمائر . { لما ظلموا } كقريش بالتكذيب والمراء وأنواع المعاصي . { وجعلنا لِمهلكهم موعدا } لإهلاكهم وقتا لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ، فيعتبروا بهم ولا يغتروا بتأخير العذاب عنهم ، وقرأ أبو بكر " لَمَهْلَكَهُم " بفتح الميم واللام أي لهلاكهم ، وحفص بكسر اللام حملا على ما شذ من مصادر يفعل كالمرجع والمحيض .
بعد أن أزيل غرُورهم بتأخر العذاب ، وأبطل ظنهم الإفلات منه ببيان أن ذلك إمهال من أثر رحمة الله بخلقه ، ضرب لهم المثل في ذلك بحال أهل القرى السالفين الذين أُخر عنهم العذاب مدة ثم لم ينجوا منه بأخَرة ، فالجملة معطوفة على جملة { بل لهم موعد } [ الكهف : 58 ] .
والإشارة ب تلك إلى مقدر في الذهن ، وكاف الخطاب المتصلة باسم الإشارة لا يراد به مخاطب ولكنها من تمام اسم الإشارة ، وتجري على ما يناسب حال المخاطب بالإشارة من واحد أو أكثر ، والعرب يعرفون ديار عاد وثمود ومدين ويسمعون بقوم لوط وقوم فرعون فكانت كالحاضرة حين الإشارة .
والظلم : الشرك وتكذيب الرسل . والمُهلك بضم الميم وفتح اللام مصدر ميمي من أهلك ، أي جعلنا لإهلاكنا إياهم وقتاً معيناً في علمنا إذا جاء حلَّ بهم الهلاك . هذه قراءة الجمهور . وقرأه حفص عن عاصم بفتح الميم وكسر اللام على أنه اسم زمان على وزن مَفعل . وقرأه أبو بكر عن عاصم بفتح الميم وفتح اللام على أنه مصدر ميمي لِهَلَك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.