التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

وبعد أن ذكر - سبحانه - بعض المنن التى امتن بها على نبيه موسى - عليه السلام - أتبع ذلك بذكر بعض التوجيهات التى أمره بفعلها ، حيث كلفه بتبليغ الدعوة إلى فرعون ، فقال - تعالى - : { اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ . . . } .

وقوله - سبحانه - { وَلاَ تَنِيَا } فعل مضارع مصدره الونى - بفتح الواو وسكون النون - بمعنى الضعف والفتور والتراخى فى الأمر .

يقال : ونى فلان فى الأمر ينى ونيا - كوعد يعد وعدا - إذا ضعف وتراخى فى فعله .

وقوله : { أَخُوكَ } فاعل لفعل محذوف . أى : وليذهب معك أخوك .

والمراد بالآيات : المعجزات الدالة على صدق موسى - عليه السلام - ، ولعى رأسها عصاه التى ألقاها فإذا هى حية تسعى ، ويده التى ضمها إلى جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء .

والمعنى : اذهب يا موسى أنت وأخوك إلى حيث آمركما متسلحين بآياتى ومعجزاتى ، ولا تضعفا أو تتراخيا فى ذكرى وتسبيحى وتقديسى بما يليق بذاتى وصفاتى من العبادات والقربات . فإن ذكركما لى هو عدتكما وسلاحكما وسندكما فى كل أمر تقدمان عليه .

فالآية الكريمة تدعو موسى وهارون ، كما تدعو كل مسلم فى كل زمان ومكان إلى المداومة على ذكر الله - تعالى - فى كل موطن ، بقوة لا ضعف معها وبعزيمة صادقة لا فتور فيها ولا كلال .

وقد مدح - سبحانه - المداومين على تسبيحه وتحميده وتقديسه فى كل أحوالهم فقال : { إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ } قال صاحب الكشاف : قوله { وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } أنهما لا يفتران فى ذكر الله ، بل يذكران الله فى حال مواجهة فرعون ، ليكون ذكر الله عونا لهما عليه ، وقوة لهما . وسلطانا كاسرا له ، كما جاء فى الحديث " إن عبدى كل عبدى الذى يذكرنى وهو مناجز قرنه " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

فامض لما اصطنعتك له :

( اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري . اذهبا إلى فرعون إنه طغى . فقولا له : قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) . .

اذهب أنت وأخوك مزودين بآياتي وقد شهد منها آية العصا وآية اليد –

ولا تنيا في ذكري فهو عدتكما وسلاحكما وسندكما الذي تأويان منه إلى ركن شديد . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

{ اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي } أي : بحُجَجي وبراهيني ومعجزاتي ، { وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي } قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس : لا تُبْطئا .

وقال مجاهد ، عن ابن عباس : لا تَضْعُفا .

والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله ، بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون ، ليكون ذكرُ الله عونًا لهما عليه ، وقوّة لهما وسلطانًا كاسرًا له ، كما جاء في الحديث : " إن عبدي كل عبدي للذي{[19367]} يذكرني وهو مُنَاجِز قِرْنه " . {[19368]}


[19367]:في أ: "الذي".
[19368]:رواه الترمذي في السنن برقم (3580) من حديث عمارة بن زعكرة رضي الله عنه. وقال الترمذي "هذا حديث غريب ولا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوى".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـَٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي} (42)

رجوع إلى المقصد بعد المحاورة ، فالجملة بيان لجملة : { اذهب إلى فرعون إنه طغى } ، أو هي استئناف بياني لأن قوله : { واصطنعتُك لنفسي } [ طه : 41 ] يؤذن بأنه اختاره وأعدّه لأمر عظيم ، لأنّ الحكيم لا يتّخذ شيئاً لنفسه إلاّ مريداً جعلَه مظهراً لحكمته ، فيترقب المخاطب تعيينها ، وقد أمره هنا بالذهاب إلى فرعون وأن يذهب أخوه معه . ومعنى ذلك أنه يبلّغ أخاه أن الله أمره بمرافقته ، لأنّ هارون لم يكن حاضراً حين كلّم الله موسى في البقعة المباركة من الشجرة . ولأنه لم يكن الوقت وقت الشروع في الذهاب إلى فرعون ، فتعيّن أن الأمر لطلب حصول الذهاب المستقبل عند الوصول إلى مصر بلد فرعون وعند لقائه أخاه هارون وإبلاغه أمر الله إياه ، فقرينة عدم إرادة الفور هنا قائمة .

والباء للمصاحبة لقصد تطمين موسى بأنّه سيكون مصاحباً لآيات الله ، أي الدلائل التي تدلّ على صدقه لدى فرعون .

ومعنى { ولاَ تَنِيَا } لا تضعُفا . يقال : ونَى ينِي ونَىً ، أي ضعف في العمل ، أي لا تنِ أنت وأبلغ هارون أن لا يني ، فصيغة النهي مستعملة في حقيقتها ومجازها .