التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

وقوله - تعالى - : { والتفت الساق بالساق } أى : وأيقن هذا المحتضر ، أو توقع أن نهايته قد اقتربت ، وأنه عما قليل سيودع أهله وأحبابه . . وسيفارقهم فراقا لا لقاء بعده ، إلا يوم يقوم الناس الناس للحساب .

وقوله - تعالى - : { والتفت الساق بالساق } أى : والتوت والتصقت إحدى ساقيه بالأخرى . عند سكرات الموت وشدته ، فصارتا متلاصقين لا تكاد إحداهما تتزحزح عن الأخرى ، فكأنهما ملتفتان .

ويصح أن يكون المعنى : والتفت الساق بالساق عند وضع هذا الذى أدركه الموت فى كفنه ، لأن هذا الكفن قد ضم جميع جسده ، والتصقت كل ساق بالأخرى .

ومنهم من يرى أن هذه الآية الكريمة : كناية عن هول الموت وشدته كما فى قوله - تعالى - : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } والعرب لا تذكر الساق إلا فى المحن والشدائد العظام ، ومنه قولهم : قامت الحرب على ساق .

قال صاحب الكشاف : " والتفت " ساقه بساقه والتوت عليها عند الموت ، وعن قتادة : ماتت رجلاه فلا تحملانه وقد كان عليهما جوالا . وقيل : التفت شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة ، على أن الساق مثل فى الشدة .

وعن سعيد ابن المسيب : هما ساقاه حين تلفانه فى أكفانه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

( والتفت الساق بالساق ) . . وبطلت كل حيلة ، وعجزت كل وسيلة ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

27

وبهذا الإسناد ، عن ابن عباس في قوله : { وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } قال : التفت عليه الدنيا والآخرة . وكذا قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } يقول : آخر يوم في الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة ، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله .

وقال عكرمة : { وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } الأمر العظيم بالأمر العظيم . وقال مجاهد : بلاء ببلاء . وقال الحسن البصري في قوله : { وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } هما ساقاك إذا التفتا{[29566]} . وفي رواية عنه : ماتت رجلاه فلم تحملاه ، وقد كان عليها جوالا . وكذا قال السدي ، عن أبي مالك .

وفي رواية عن الحسن : هو لفهما في الكفن .

وقال الضحاك : { وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } اجتمع عليه أمران : الناس يجهزون جسده ، والملائكة يجهزون روحه .


[29566]:- (1) في أ: "إذا التقيا".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

واختلف في معنى قوله { والتفت الساق بالساق } ، فقال ابن عباس والحسن والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد هذه استعارة لشدة كرب الدنيا في آخر يوم منها وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها لأنه بين الحالين قد أختلطا له ، وهذا كما تقول شمرت الحرب عن ساق{[11484]} ، وعلى بعض التأويلات في قوله تعالى :

{ يوم يكشف عن ساق }{[11485]} [ القلم : 42 ] وقال ابن المسيب والحسن : هي حقيقة ، والمراد ساق الميت عند تكفينه أي لفهما الكفن ، وقال الشعبي وأبو مالك وقتادة : هو التفافهما بشدة المرض لأنه يقبض ويبسط ويركب هذا على هذا ، وقال الضحاك : المراد أسوق حاضريه من الإنس والملائكة لأن هؤلاء يجهزون روحه إلى السماء وهؤلاء بدنه إلى قبره .


[11484]:شمر: مر جادا في الأمر، وشمر عن ساقه: جد وخف، والساق في اللغة: الأمر الشديد، وكشف الساق مثل في شدة الأمر، كما يقال: "يده مغلولة" إذا وصفته بالشح، ولا يد هناك ولا غل، وإنما هو مثل في شدة البخل، كذلك هنا لا ساق ولا كشف وإنما هو كناية عن شدة الأمر وقسوته. (راجع اللسان).
[11485]:من الآية 42 من سورة القلم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

وقوله : { والتفَّت الساقُ بالساق } إن حمل على ظاهره ، فالمعنى التفافُ ساقَي المحْتضر بعد موته إذ تُلَفُّ الأَكفان على ساقيْه ويُقرن بينهما في ثوب الكفن فكُلُّ ساق منهما ملتفة صحبةَ الساق الأخرى ، فالتعريف عوض عن المضاف إليه ، وهذا نهاية وصف الحالة التي تهيَّأ بها لمصيره إلى القبر الذي هو أول مراحل الآخرة .

ويجوز أن يَكون ذلك تمثيلاً فإن العرب يستعملون الساق مثلاً في الشدة وجِدّ الأمر تمثيلاً بساق الساعي أو الناهض لعمل عظيم ، يقولون : قامت الحرب على ساق .

وأنشد ابن عباس في قول الراجز :

صبرا عنـاق إنـه لـشـربـاق *** قد سن لي قومك ضرب الأعناق

وقامت الحرب بنا على ساق

وتقدم في قوله تعالى { يوم يكشف ساق } في سورة القلم .

فمعنى { والتفت الساق بالساق } طرأت مصيبة على مصيبة .