التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

ثم ذكر - سبحانه - مقالة ثالثة لها فقال : { أَوْ تَقُولَ } هذه النفس { حِينَ تَرَى العذاب } فى الآخرة { لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً } أى رجعة إلى الدنيا { فَأَكُونَ } فيها { مِنَ المحسنين } لأقوالهم وأفعالهم ، وعقائدهم ، بحيث أخلص العبادة لله - تعالى - وأطيعه فى السر والعلن .

وهكذا يصور القرآن الكريم أحوال النفوس فى الآخرة ، تصوير مؤثرا بليغاً ، يحمل كل عاقل على الإِيمان الصالح الذى ينفعه فى ذلك اليوم الهائل الشديد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

( أو تقول حين ترى العذاب : لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) . .

وهي أمنية لا تنال . فإذا انتهت هذه الحياة فلا كرة ولا رجوع . وها أنتم أولاء في دار العمل . وهي فرصة واحدة إذا انقضت لا تعود . وستسألون عنها مع التبكيت والترذيل :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } أي : تود أن لو{[25230]} أعيدت إلى الدار فتحسن{[25231]} العمل .

قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه{[25232]} ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه{[25233]} ، وقال : { وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [ فاطر : 14 ] ، { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } فأخبر الله تعالى : أن لو رُدوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الأنعام : 28 ] .

وقد قال{[25234]} الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة » . قال : «وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! » قال : «فيكون له الشكر » .

ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به{[25235]} .


[25230]:- في ت: "أن لو أن".
[25231]:- في أ: "لتحسن".
[25232]:- في أ: "أخبرنا الله تعالى".
[25233]:- في ت ، س: "وعلمهم قبل أن يعلموه".
[25234]:- في ت: "روى".
[25235]:- المسند (2/512).

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

وقد قرر بعض الناس الكلام : أنه لي أن أكر فأكون ، ذكره الطبري ، وهذا الكون في هذه الآية داخل في التمني{[9921]} .


[9921]:ما ذكره الطبري هنا هو نفس كلام الفراء في (معاني القرآن)، قال:"وفي نصب قوله:[فأكون] وجهان: أحدهما أن يكون نصبه على أنه جواب(لو)، والثاني على الرد على موضع الكرّة، وتوجيه الكرة في المعنى إلى: لو أن لي أن أكرّ". هذا وفي الأصول سقط من النساخ بعض الكلام الذي نقله عن الطبري، وقد صححناه عن الطبري والفراء. وقد قال في البحر تعقيبا على الرأيين في نصب[فأكون]:"والفرق بينهما أن الفاء إذا كانت في جواب التمني كانت(أن) واجبة الإضمار، وكان الكون مترتبا على حصول المتمنى لا متمنى، وإذا كانت للعطف على [كرة] جاز إظهار(أن)وإضمارها، وكان متمنى". تأمل هذا وتأمل كلام ابن عطية تعقيبا على رأي الطبري، فإنه جعل(الكون) في الآية داخلا في التمني.