التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

وقوله - تعالى - : { وَجَآءَ رَبُّكَ . . . } هذه الآية وأمثالها من آيات الصفات التى يرى السلف وجوب الإِيمان بها كما جاءت ، بمعنى أننا نؤمن بمجئ الله - تعالى - ولكن من غير تكييف ولا تمثيل ، بل نكل علم كيفية مجيئة إلى مشيئته - تعالى

والخلف يؤولون ذلك بأى المجئ هنا بمعنى مجئ أمره وقضائه .

قال الآلوسى : قوله - تعالى - : { وَجَآءَ رَبُّكَ . . . } قال منذر بن سعيد ، معناه : ظهر - سبحانه - للخلق هنالك ، وليس ذلك بمجئ نقلة . . وقيل : الكلام على حذف مضاف للتهويل ، أى : وجاء أمر ربك وقضاؤه . واختار جع أنه تمثيل لظهور آيات اقتداره - تعالى - وتبيين آثار قدرته وسلطانه ، مثلت حاله - سبحانه - فى ذلك ، بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة ما لا يظهر بحضور عساكره ووزرائه وخواصهن بكرة أبيهم ، وأنت تعلم ما للسلف فى المتشابه من الكلام .

{ والملك } أى : جنس المَلَكِ ، فيشمل جميع الملائكة { صَفّاً صَفّاً } أى : مصطفين ، أو ذوى صفوف .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

والجبار المتكبر يتجلى ويتولى الحكم والفصل ، ويقف الملائكة صفا صفا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

{ وَجَاءَ رَبُّكَ } يعني : لفصل القضاء بين خلقه ، وذلك بعد ما يستشفعون{[30057]} إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم ، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد ، فكلهم يقول : لست بصاحب ذاكم ، حتى تنتهي النوبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم{[30058]} فيقول : " أنا لها ، أنا لها " . فيذهب فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله في ذلك ، وهي أول الشفاعات ، وهي المقام المحمود كما تقدم بيانه في سورة " سبحان " {[30059]} فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء ، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا .


[30057]:- (1) في أ: "يشفعون".
[30058]:- (2) في م: "صلوات الله وسلامه عليه".
[30059]:- (3) عند تفسير الآية: 79.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

وجاء ربك أي ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من آثار هيبته وسياسته والملك صفا صفا بحسب منازلهم ومراتبهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا} (22)

وأما قوله تعالى : { والملك صفّاً صفّاً } ف { صفّاً } الأول حال من { الملك } .

و{ صَفّاً } الثاني لم يختلف المفسرون في أنه من التكرير المراد به الترتيب والتصنيف ، أي صفّاً بعد صفِّ ، أو خَلْفَ صفّ ، أو صنفاً من الملائكة دون صنف ، قيل : ملائكة كل سَماء يكونون صفّاً حول الأرض على حدة .

قال الرضي وأما تكرير المنكَّر في قولك ، قرأت الكتاب سورةً سورةً ، وقوله تعالى : { وجاء ربك والملك صفاً صفاً } فليس في الحقيقة تأكيداً إذ ليس الثاني لتقرير ما سبق بل هو لتكرير المعنى لأن الثاني غير الأول معنى . والمعنى : جميع السور وصفوفاً مختلفة ا ه . وشذّ من المفسرين من سكت عنه . ولا يحتمل حمله على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله إذ لا معنى للتأكيد .

وإسناد المجيء إلى الله إما مجاز عقلي ، أي جاء قضاؤه ، وإما استعارة بتشبيه ابتداء حسابه بالمجيء .

وأما إسناده إلى الملَك فإما حقيقةٌ ، أو على معنى الحضور وأيًّا مَّا كان فاستعمال ( جاء ) من استعمال اللفظ في مجازه وحقيقته ، أو في مَجَازَيْه .

و { الملَك } : اسم جنس وتعريفه تعريف الجنس فيرادفه الاستغراق ، أي والملائكة .

والصف : مصدر صَفَّ الأشْياءَ إذا جعل الواحد حذو الآخر ، ويطلق على الأشياء المصفوفة ومنه قوله تعالى : { إن اللَّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً } [ الصف : 4 ] وقوله : { فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً } في سورة طه ( 64 ) .