التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

ثم بين - سبحانه - أحوال الجبال وأحوال الناس يوم القيامة فقال - تعالى - : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ . . . } .

السائلون عن أحوال الجبال يوم القيامة كفار مكة ، روى أنهم قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الاستهزاء ، يا محمد إنك تدعى أن هذه الدنيا تفنى ، وأننا نبعث بعد الموت ، فأين تكون هذه الجبال ، فنزل قوله - تعالى - : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } .

وقيل : السائلون هم المؤمنون على سبيل طلب المعرفة والفهم .

وقوله : { يَنسِفُهَا } من النسف بمعنى القلع . يقال : نسفت الريح التراب نسفا - من باب ضرب - إذا اقتلعته وفرقته .

أى : ويسألك - أيها الرسول الكريم - بعض الناس عن أحوال الجبال يوم القيامة ، فقل لهم : ينسفها ربى نسفا ، بأن يقلعها من أصولها ، ثم يجعلها كالرمل المتناثر ، أو كالصوف المنفوش الذى تفرقه الرياح .

والفاء فى قوله : { فَقُلْ } للمسارعة إلى إزالة ما فى ذهن السائل من توهم أن الجبال قد تبقى يوم القيامة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

99

ويزيد مشهد الهول بروزا ، بالعودة إلى سؤال لهم يسألونه في الدنيا عن الجبال ما يكون من شأنها يومذاك . فإذا الجواب يصور درجة الهول الذي يواجهونه !

ويسألونك عن الجبال فقل : ينسفها ربي نسفا ، فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا . يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ، وخشعت الأصوات للرحمن ، فلا تسمع إلا همسا . يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا . يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما . وعنت الوجوه للحي القيوم ، وقد خاب من حمل ظنا . ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما . .

ويتجلى المشهد الرهيب فإذا الجبال الراسية الراسخة قد نسفت نسفا ؛

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

يقول تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ } أي : هل تبقى يوم القيامة أو تزول ؟ { فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا } أي : يذهبها عن أماكنها ويمحقها ويسيرها تسييرًا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

{ ويسئلونك عن الجبال } عن مآل أمرها وقد سأل عنها رجل من ثقيف . { فقل } لهم . { ينسفها ربي نسفا } يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

والضمير في قوله تعالى : { ويسألونك } قيل إن رجلاً من ثقيف سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما يكون أمرها يوم القيامة ، وقيل بل سأله عن ذلك جماعة من المؤمنين ، وقد تقدم معنى «النسف » . وروي أن الله تعالى يرسل على الجبال ريحاً فتدكدكها حتى تكون { كالعهن المنفوش } [ القارعة : 5 ] ثم يتوالى عليها حتى يعيدها كالهباء المنبث فذلك هو النسف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

لما جرى ذكر البعث ووصف ما سينكشف للذين أنكروه من خطئهم في شبهتهم بتعذر إعادة الأجسام بعد تفرق أجزائها ذكرت أيضاً شبهة من شبهاتهم كانوا يسألون بها النبي صلى الله عليه وسلم سؤال تعنت لا سؤال استهداء ، فكانوا يحيلون انقضاء هذا العالم ويقولون : فأيْن تكون هذه الجبال التي نراها . وروي أنّ رجلاً من ثقيف سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهم أهل جبال لأن موطنهم الطائف وفيه جبل كَرَى . وسواء كان سؤالهم استهزاء أم استرشاداً ، فقد أنبأهم الله بمصير الجبال إبطالاً لشبهتهم وتعليماً للمؤمنين . قال القرطبي : « جاء هنا ( أي قوله { فَقُلْ يَنسِفُهَا } ) بفاء وكل سؤال في القرآن « قل » ( أي كل جواب في لفظ منه مادة سؤال ) بغير فاء إلا هذا ، لأن المعنى إن سألوك عن الجبال فقل ، فتضمن الكلام معنى الشرط ، وقد علم أنّهم يسألونه عنها فأجابهم قبل السؤال . وتلك أسئلة تقدمت سألوا عنها النبي صلى الله عليه وسلم فجاء الجواب عقب السؤال ا هـ » .

وأكد { ينسفها نسفاً } لإثبات أنه حقيقة لا استعارة . فتقدير الكلام : ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً . . . إلى آخره ، وننسف الجبال نسفاً ، فقل ذلك للذين يسألونك عن الجبال .

والنسف : تفريق وإذراء ، وتقدم آنفاً .