التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

ثم حكى - سبحانه - محاولاتهم مع أبيهم ، ليأذن لهم بخروج يوسف معهم فقال : { قَالُواْ ياأبانا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ . أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } .

أى : قال إخوة يوسف لأبيهم - محاولين استرضاءه لاستصحاب يوسف معهم - يا أبانا { مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ } أى : أى شئ جعلك لا تأمنا على أخينا يوسف في خروجه معنا ، والحال أننا له لناصحون ، فهو أخونا ونحن لا نريد له إلا الخير الخالص ، والود الصادق .

وفى ندائهم له بلفظ " يا أبانا " استمالة لقلبه ، وتحريك لعطفه ، حتى يعدل عن تصميمه على عدم خروج يوسف معهم .

والاستفهام في قولهم : { مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا . . . } للتعجيب من عدم ائتمانهم عليه مع أنهم إخوته ، وهو يوحى بأنهم بذلوا محاولات قبل ذلك في اصطحابه معم ولكنها جميعا باءت بالفشل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

فها هم أولاء عند أبيهم ، يراودونه في اصطحاب يوسف معهم منذ الغداة . وها هم أولاء يخادعون أباهم ، ويمكرون به وبيوسف . فلنشهد ولنستمع لما يدور :

( قالوا : يا أبانا ، مالك لا تأمنا على يوسف ، وإنا له لناصحون . أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ، وإنا له لحافظون ! قال : إني ليحزنني أن تذهبوا به ، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون . قالوا : لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذن لخاسرون ) . .

والتعبير يرسم بكلماته وعباراته كل ما بذلوه ليتدسسوا به إلى قلب الوالد المتعلق بولده الصغير الحبيب ، الذي يتوسم فيه أن يكون الوارث لبركات أبيه إبراهيم . .

( يا أبانا ) . .

بهذا اللفظ الموحي المذكر بما بينه وبينهم من آصرة .

مالك لا تأمنا على يوسف ؟ . .

سؤال فيه عتب وفيه استنكار خفي ، وفيه استجاشة لنفي مدلوله من أبيهم ، والتسليم لهم بعكسه وهو تسليمهم يوسف . فهو كان يستبقي يوسف معه ولا يرسله مع إخوته إلى المراعي والجهات الخلوية التي يرتادونها لأنه يحبه ويخشى عليه ألا يحتمل الجو والجهد الذي يحتملونه وهم كبار ، لا لأنه لا يأمنهم عليه . فمبادرتهم له بأنه لا يأتمنهم على أخيهم وهو أبوهم ، مقصود بها استجاشته لنفي هذا الخاطر ؛ ومن ثم يفقد إصراره على احتجاز يوسف . فهي مبادرة ماكرة منهم خبيثة !

مالك لا تأمنا على يوسف ؟ وإنا له لناصحون . .

قلوبنا له صافية لا يخالطها سوء - وكاد المريب أن يقول خذوني - فذكر النصح هنا وهو الصفاء والإخلاص يشي بما كانوا يحاولون إخفاءه من الدغل المريب . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

لما تواطئوا على أخذه وطَرْحه في البئر ، كما أشار عليهم أخوهم الكبير رُوبيل ، جاءوا أباهم يعقوب ، عليه السلام ، فقالوا : { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } وهذه توطئة وسلف ودعوى ، وهم يريدون خلاف ذلك ؛ لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

{ قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنّا على يوسف } لم تخافنا عليه . { وإنا له لناصحون } ونحن نشفق عليه ونريد له الخير ، أرادوا به استنزاله عن رأيه في حفظه منهم لما تنسم من حسدهم ، والمشهور { تأمنا } بالإدغام بإشمام . وعن نافع بترك الإشمام ومن الشواذ ترك الإدغام لأنهما من كلمتين وتيمنا بكسر التاء .