التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

وقوله - سبحانه - : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ الله أَحَداً } بيان لما استنكره هؤلاء النفر المؤمنون من الجن على قومهم الكافرين . وعلى من يشبهونهم فى الكفر من الإِنس .

أى : وأنهم - أى الإِنس - ظنوا واعتقدوا { كَمَا ظَنَنتُمْ } واعتقدتم أيها الجن ، أن الله - تعالى - لن يبعث أحدا بعد الموت ، وهذا الظن منهم ومنكم ظن خاطئ فاسد ، فإن البعث حق ، وإن الحساب حق ، وإن الجزاء حق .

وفى هذا القول من مؤمنى الجن ، تعريض بمشركى قريش ، الذين أنكروا البعث ، وقالوا : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

( وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ) . .

يتحدثون إلى قومهم ، عن أولئك الرجال من الإنس الذين كانوا يعوذون برجال من الجن ، يقولون : إنهم كانوا يظنون - كما أنكم تظنون - أن الله لن يبعث رسولا . ولكن ها هو ذا قد بعث رسولا ، بهذا القرآن الذي يهدي إلى الرشد . . أو أنهم ظنوا أنه لن يكون هناك بعث ولا حساب - كما ظننتم - فلم يعملوا للآخرة شيئا ، وكذبوا ما وعدهم الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] من أمرها ، لأنهم كانوا لا يعتقدون من قبل فيها .

وكلا الظنين لا ينطبق على الحقيقة ، وفيه جهل وقلة إدراك لحكمة الله في خلق البشر . فقد خلقهم باستعداد مزدوج للخير والشر والهدى والضلال [ كما نعرف من هذه السورة أن للجن هذه الطبيعة المزدوجة كذلك إلا من تمحض منهم للشر كإبليس ، وطرد من رحمة الله بمعصيته الفاجرة ، وانتهى إلى الشر الخالص بلا ازدواج ] ومن ثم اقتضت رحمة الله أن يعين أولئك البشر بالرسل ، يستجيشون في نفوسهم عنصر الخير ، ويستنقذون ما في فطرتهم من استعداد للهدى . فلا مجال للاعتقاد بأنه لن يبعث إليهم أحدا .

هذا إذا كان المعنى هو بعث الرسل . فأما بعث الآخرة فهو ضرورة كذلك لهذه النشأة التي لا تستكمل حسابها في الحياة الدنيا ، لحكمة أرادها الله ، وتتعلق بتنسيق للوجود يعلمه ولا نعلمه ؛ فجعل البعث في الآخرة لتستوفي الخلائق حسابها ، وتنتهي إلى ما تؤهلها له سيرتها الأولى في الحياة الدنيا . فلا مجال للظن بأنه لن يبعث أحدا من الناس . فهذا الظن مخالف للاعتقاد في حكمة الله وكماله سبحانه وتعالى . .

وهؤلاء النفر من الجن يصححون لقومهم ظنهم ، والقرآن في حكايته عنهم يصحح للمشركين أوهامهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

وقوله : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا } أي : لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولا . قاله الكلبي ، وابن جرير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَنّهُمْ ظَنّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لّن يَبْعَثَ اللّهُ أَحَداً * وَأَنّا لَمَسْنَا السّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجنّ وأنّهُمْ ظَنّوا كما ظَنَنْتُمْ أنْ لَنْ يَبْعَثَ اللّهُ أحَدا يعني أن الرجال من الجنّ ظنوا كما ظنّ الرجال من الإنس أن لن يبعث الله أحدا رسولاً إلى خلقه ، يدعوهم إلى توحيده . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن الكلبيّ وأنّهُمْ ظَنّوا كمَا ظَنَنْتُمْ : ظنّ كفار الجنّ كما ظنّ كفرة الإنس أن لن يبعث الله رسولاً .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

وأنهم وأن الإنس ظنوا كما ظننتم أيها الجن أو بالعكس والآيتان من كلام الجن بعضهم أو استئناف كلام من الله تعالى ومن فتح أن فيهما جعلهما من الموحى به أن لن يبعث الله أحدا ساد مسد مفعولي ظنوا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

وقوله { وأنهم ظنوا كما ظننتم } يريد به بني آدم الكفار . وقوله { كما ظننتم } ، مخاطبة لقومهم من الجن . وقولهم { أن لن يبعث الله أحداً } ، يحتمل معنيين أحدهما : بعث الحشر من القبور والآخر بعث آدمي رسولاً . و { أن } في قوله { أن لن } مخففة من «أن » الثقيلة وهي تسد مسد المفعولين . وذكر المهدوي تأويلاً أن المعنى وأن الجن ظنوا كما ظننتم أيها الإنس فهي مخاطبة من الله تعالى .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا} (7)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأنهم ظنوا كما ظننتم} يعني حسب كفار الإنس الذين تعوذوا برجال من الجن في الجاهلية كما حسبتم يا معشر كفار الجن {أن لن يبعث الله أحدا} يعني رسولا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني أن الرجال من الجنّ ظنوا كما ظنّ الرجال من الإنس أن لن يبعث الله أحدا رسولاً إلى خلقه، يدعوهم إلى توحيده.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فجائز أن يكونوا نفوا القدرة عن الله تعالى على البعث لما لم يشاهدوا البعث، ورأوه أمرا خارجا عن طوقهم وقواهم، فظنوا أن القدرة لا تنتهي إلى هذا.

ثم هذا الكلام ليس بحكاية عن الجن، بل الله تعالى [قال]: إن الجن ظنت أن لا بعث كما ظننتم أنتم. وقوله تعالى: {ظننتم} في الظاهر إشارة إلى الإنس جملة مسلمهم وكافرهم. ومعلوم بأن المسلمين لم يكونوا يظنون ذلك بل قد أيقنوا بالبعث، ولكن معناه أن الكفرة من الجن ظنت أن لا بعث كما ظنت الكفرة منكم أيها الإنس في هذه الآية إبانة أنهم كانوا يقولون: لا بعث بالظن، ليس بالعلم.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

{وأنهم ظنوا} يقول الله تعالى: إن الجن ظنوا، {كما ظننتم} يا معشر الكفار من الإنس، {أن لن يبعث الله أحداً} بعد موته.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقوله {وأنهم ظنوا كما ظننتم} يريد به بني آدم الكفار. وقوله {كما ظننتم}، مخاطبة لقومهم من الجن.

وقولهم {أن لن يبعث الله أحداً}، يحتمل معنيين أحدهما: بعث الحشر من القبور، والآخر بعث آدمي رسولاً.

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

أي أن الجن كانوا ينكرون البعث كإنكاركم، ثم بسماع القرآن اهتدوا وأقروا بالبعث، فهلا أقررتم كما أقروا.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فأما بعث الآخرة فهو ضرورة كذلك لهذه النشأة التي لا تستكمل حسابها في الحياة الدنيا، لحكمة أرادها الله، وتتعلق بتنسيق للوجود يعلمه ولا نعلمه؛ فجعل البعث في الآخرة لتستوفي الخلائق حسابها، وتنتهي إلى ما تؤهلها له سيرتها الأولى في الحياة الدنيا. فلا مجال للظن بأنه لن يبعث أحدا من الناس. فهذا الظن مخالف للاعتقاد في حكمة الله وكماله سبحانه وتعالى.. وهؤلاء النفر من الجن يصححون لقومهم ظنهم، والقرآن في حكايته عنهم يصحح للمشركين أوهامهم.