التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ} (44)

ثم بين - سبحانه - أن أقوالهم هذه لا تستند إلى دليل أو ما يشبه الدليل ، وإنما هم يهرفون بما لا يعرفون ، فقال - تعالى - : { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } .

أى : أن هؤلاء الذين قالوا ما قالوا من باطل وزور ، لم نأتهم بكتب يدرسونها ويقرءونها ليعرفوا منها أن الشرك حق ، فيكون لهم عذرهم فى التمسك به ، وكذلك لم نرسل إليهم قبلك - أيها الرسول الكريم - نذيرا يدعوهم إلى عابدة الأصنام ، ويخوفوهم من ترك عبادتها .

وما دام الأمر كذلك ، فمن أين أتوا بهذا التصميم على شركهم ، وبهذا الإِنكار للحق الذى جاءهم ؟ إن أمرهم هذا لهو فى غاية الغرابة والعجب .

فالمقصود من الآية الكريمة تجهيلهم والتهكم بهم ، ونفى أن يكون عندهم حتى ما يشبه الدليل على صحة ما فيه من شرك .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } وقوله - عز وجل - : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ} (44)

43

وقد كشف القرآن أمرهم ، وهو يقرر أنهم أميون لم يؤتوا من قبل كتاباً يقيسون به الكتب ؛ ويعرفون به الوحي ؛ فيفتوا بأن ما جاءهم اليوم ليس كتاباً وليس وحياً ، وليس من عند الله . ولم يرسل إليهم من قبل رسول . فهم يهرفون إذن بما لا علم لهم به ويدعون ما ليس يعلمون :

( وما آتيناهم من كتب يدرسونها ، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ) !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ} (44)

قال الله تعالى : { وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ } أي : ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن ، وما أرسل إليهم نبيًا قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كانوا يَوَدّون ذلك ويقولون : لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب ، لكنا أهدى من غيرنا ، فلما مَنَّ الله عليهم بذلك كذبوه وعاندوه وجحدوه .