التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَٰطِـِٔينَ} (91)

وهنا يجسد في أذهان إخوة يوسف ما فعلوه معه في الماضى ، فينتابهم الخزى والخجل ، حيث قابل إساءتهم إليه بالإِحسان عليهم ، فقالوا له في استعطاف وتذلل : { قَالُواْ تالله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } أى : نقسم بالله - تعالى - لقد اختارك الله - تعالى - لرسالته ، وفضلك علينا بالتقوى وبالصبر وبكل الصفات الكريمة .

أما نحن فقد كنا خاطئين فيما فعلناه معك ، ومتعمدين لما ارتكبناه في حقك من جرائم ، ولذلك أعزك الله - تعالى - وأذلنا ، وأغناك وأفقرنا ، ونرجو منك الصفح والعفو .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَٰطِـِٔينَ} (91)

أما هم فتتمثل لعيونهم وقلوبهم صورة ما فعلوا بيوسف ، ويجللهم الخزي والخجل وهم يواجهونه محسنا إليهم وقد أساءوا . حليما بهم وقد جهلوا . كريما معهم وقد وقفوا منه موقفا غير كريم :

( قالوا : تالله لقد آثرك الله علينا ، وإن كنا لخاطئين ) . .

اعتراف بالخطيئة ، وإقرار بالذنب ، وتقرير لما يرونه من إيثار الله له عليهم بالمكانة والحلم والتقوى والإحسان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَٰطِـِٔينَ} (91)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنّا لَخَاطِئِينَ } .

يقول جلّ ثناؤه : قال إخوة يوسف له : تالله لقد فضلك الله علينا وآثرك بالعلم والحلم والفضل ، وَإنْ كُنّا لخاطِئِينَ يقول : وما كنا في فعلنا الذي فعلنا بك في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك وغير ذلك من صنيعنا الذي صنعنا بك ، إلاّ خاطئين : يعنون مُخْطئين ، يقال منه : خَطِىء فلان يَخْطَأ خَطأً وخِطْأً ، وأخطأ يخطىء إخطاءً ومن ذلك قول أمية بن الأسكر :

وإنّ مُهاجِرَيْنِ تَكَنّفاهُ *** لعَمْرُ اللّهِ قَدْ خَطِئا وَخابا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : لما قال لهم يوسف : أنا يُوسُفُ وَهَذَا أخِي اعتذَروا إليه ، وقالوا : تاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا وَإنْ كُنّا لَخاطِئِينَ فيما كنا صنعنا بك .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : تاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا وذلك بعد ما عرّفهم أنفسهم ، يقول : جعلك الله رجلاً حليما .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَٰطِـِٔينَ} (91)

الإيثار : التفضيل بالعطاء . وصيغة اليمين مستعملة في لازم الفائدة ، وهي علمهم ويقينهم بأن ما ناله هو تفضيل من الله وأنهم عرفوا مرتبتَه ، وليس المقصود إفادة تحصيل ذلك لأن يوسف عليه السلام يعلمه . والمراد : الإيثار في الدنيا بما أعطاه الله من النعم .

واعترفوا بذنبهم إذ قالوا : { وإنّ كنا لخاطئين } . والخاطىء : فاعل الخطيئة ، أي الجريمة ، فنفعت فيهم الموعظة .