التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

وقوله - سبحانه - : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم } توبيخ آخر لهم على جهلهم وانطماس بصائرهم .

والمراد بالسر هنا : حديثهم مع أنفسهم ، والمراد بنجواهم : ما تكلم به بعضهم مع بعض دون أن يطلعوا عليه أحدا غيرهم .

أى : بل أيظن هؤلاء الجاهلون أننا لا نعلم ما يتحدثون به مع أنفسهم ، وما يتحدثون به مع غيرهم فى خفية واستتار .

وقوله - سبحانه - : { بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } أى : إذا كانوا يظنون ذلك فقد خابوا وخسروا ، فإننا نعلم سرهم ونجواهم . ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ، ملازمون لهم ، ويسجلون عليهم كل صغيرة وكبيرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

57

وتدبيرهم ومكرهم في الظلام يقابله علم الله بالسر والنجوى . والعاقبة معروفة حين يقف الخلق الضعاف القاصرون ، أمام الخالق العزيز العليم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

وقوله : أمْ يَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ سِرّهُمْ وَنجْوَاهُمْ يقول : أم يظنّ هؤلاء المشركون بالله أنا لا نسمع ما أخفوا عن الناس من منطقهم ، وتشاوروا بينهم وتناجوا به دون غيرهم ، فلا نعاقبهم عليه لخفائه علينا .

وقوله : بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ يقول تعالى ذكره : بل نحن نعلم ما تناجوا به بينهم ، وأخفوه عن الناس من سرّ كلامهم ، وحفظتنا لديهم ، يعني عندهم يكتبون ما نطقوا به من منطق ، وتكلموا به من كلامهم .

وذُكر أن هذه الاَية نزلت في نفر ثلاثة تدارأُوا في سماع الله تبارك وتعالى كلام عباده . ذكر من قال ذلك :

حدثني عمرو بن سعيد بن يسار القرشيّ ، قال : حدثنا أبو قتيبة ، قال : حدثنا عاصم بن محمد العمريّ ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها ، قرشيان وثقفيّ ، أو ثقفيان وقرشيّ ، فقال واحد من الثلاثة : أترون الله يسمع كلامنا ؟ فقال الأوّل : إذا جهرتم سمع ، وإذا أسررتم لم يسمع ، قال الثاني : إن كان يسمع إذا أعلنتم ، فإنه يسمع إذا أسررتم ، قال : فنزلت أمْ يَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ سِرّهُمْ وَنجْوَاهُمْ ، بَلى وَرسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ قال : الحفظَة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد . عن قتادة بلى وَرُسُلنا لَدَيهِمْ يَكْتُبُونَ : أي عندهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

{ أم } والاستفهام المقدر بعدها في قوله : { أم يحسبون } هما مثل ما تقدم في قوله : { أم أبرموا أمراً } [ الزخرف : 79 ] .

وحرف { بلى } جواب للنفي من قوله : { أنا لا نسمع } ، أي بَلى نحن نسمع سرهم ونجواهم .

والسمع هو : العلم بالأصوات .

والمراد بالسر : ما يُسرونه في أنفسهم من وسائل المَكر للنبيء صلى الله عليه وسلم وبالنجوى ما يتناجون به بينهم في ذلك بحديث خفيّ .

وعطف { ورسلنا لديهم يكتبون } ليعلموا أن علم الله بما يُسِرُّون علم يترتب عليه أثرٌ فيهم وهو مؤاخذتهم بما يسرّون لأن كتابة الأعمال تؤذن بأنها ستحسب لهم يوم الجزاء . والكتابة يجوز أن تكون حقيقة ، وأن تكون مجازاً ، أو كناية عن الإحصاء والاحتفاظ .

والرسل : هم الحفظة من الملائكة لأنهم مرسلون لتقصّي أعمال النّاس ولذلك قال : { لديهم يكتبون } كقوله : { ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ } [ ق : 18 ] ، أي رقيب يرقب قوله .