التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

عادت السورة الكريمة ، كما بدأت إلى الحديث عن أهوال يوم القيامة ، وعن إمكانية وقوعه ، وعن أحوال الناس فيه . وعن أن موعد قيامه مرد علمه إلى الله - تعالى - وحده ، فقال - سبحانه - :

{ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء . . . } .

الخطاب فى قوله - تعالى - : { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً . . . } لأولئك الجاحدين الجاهلين الذين استنكروا إعادتهم إلى الحياة بعد موتهم ، وقالوا : { أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة } وجاء هذا الخطاب على سبيل التقريع والتوبيخ لهم ، حيث بين لهم - سبحانه - أن إعادتهم إلى الحياة ، ليست بأصعب من خلق السموات والأرض .

و { أَشَدُّ } أفعل تفضيل ، والمفضل عليه محذوف ، لدلالة قوله - تعالى - : { أَمِ السمآء } عليه .

والمراد بالأشد هنا : الأصعب بالنسبة لاعتقاد المخاطبين ، إذ كل شئ فى هذا الكون خاضع لإرادة الله - تعالى - ومشيئته { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } والمعنى : أخلقكم - أيها الجاهلون - بعد موتكم ، وإعادتكم إلى الحياة بعد هلاككم ، أشد وأصعب فى تقديركم ، أم خلق السماء التى ترون بأعينكم عظمتها وضخامتها ، والتى أوجدها - سبحانه وبناها بقدرته .

فالمقصود من الآية الكريمة لفت أنظارهم إلى أمر معلوم عندهم بالمشاهدة ، وهو أن خلق السماء أعظم وأبلغ من خلقهم ، ومن كان قادرا على الأبلغ والأعظم كان على ما هو أقل منه - وهو خلقهم وإعادتهم بعد موتهم - أقدر .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس . . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

ومن هذه الجولة في مصارع الطغاة المعتدين بقوتهم ، يعود إلى المشركين المعتزين بقوتهم كذلك . فيردهم إلى شيء من مظاهر القوة الكبرى ، في هذا الكون الذي لا تبلغ قوتهم بالقياس إليه شيئا :

( أأنتم أشد خلقا أم السماء ? بناها . رفع سمكها فسواها . وأغطش ليلها وأخرج ضحاها . والأرض بعد ذلك دحاها . أخرج منها ماءها ومرعاها . والجبال أرساها . متاعا لكم ولأنعامكم ) . .

وهو استفهام لا يحتمل إلا إجابة واحدة بالتسليم الذي لا يقبل الجدل : ( أأنتم أشد خلقا أم السماء ? ) . . السماء ! بلا جدال ولا كلام ! فما الذي يغركم من قوتكم والسماء أشد خلقا منكم ، والذي خلقها أشد منها ? هذا جانب من إيحاء السؤال . وهناك جانب آخر . فما الذي تستصعبونه من أمر بعثكم ? وهو خلق السماء وهي أشد من خلقكم ؛ وبعثكم هو إعادة لخلقكم ، والذي بنى السماء وهي أشد ، قادر على إعادتكم وهي أيسر !

هذه السماء الأشد خلقا بلا مراء . . ( بناها ) . . والبناء يوحي بالقوة والتماسك ، والسماء كذلك . متماسكة . لا تختل ولا تتناثر نجومها وكواكبها . ولا تخرج من أفلاكها ومداراتها ، ولا تتهاوى ولا تنهار . فهي بناء ثابت وطيد متماسك الأجزاء .

/خ33

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

وقوله : أأنْتُمْ أشَدّ خَلْقا أمِ السّماءُ بَناها يقول تعالى ذكره للمكذّبين بالبعث من قريش ، القائلين أئِذَا كُنّا عِظاما نَخِرَةً قالُوا تِلكَ إذًا كَرّةٌ خاسِرَةٌ : أأنتم أيها الناس أشدّ خلقا ، أم السماء بناها ربكم ؟ فإن من بنى السماء فرفعها سقفا ، هَيّن عليه خلقكم وخلق أمثالكم ، وإحياؤكم بعد مماتكم . وليس خلقكم بعد مماتكم بأشدّ من خلق السماء . وعُني بقوله : بَناها : رَفَعها ، فجعلها للأرض سقفا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

أأنتم أشد خلقا أصعب خلقا أم السماء ثم بين كيف خلقها فقال بناها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا} (27)

ثم وقفهم مخاطبة منه تعالى للعالم والمقصد الكفار ، ويحتمل أن يكون المعنى : قل لهم يا محمد { أأنتم أشد خلقاً } الآية ، وفي هذه الآية دليل على أن بعث الأجساد من القبور لا يتعذر على قدرة الله تعالى .