التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

ثم أمر الله - تعالى - رسوله للمرة الرابعة ، أن يعلن للناس أن هذا اليوم الذى يأتى فيه نصر الله للمؤمنين لا يعلمه إلا هو ، فقال - تعالى - : { قُلْ إِنْ أدري أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ ربي أَمَداً . . . } .

أى : وقل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الكافرين إن نصر الله لنا آت لا ريب فيه ، وعذاب الله لكم آت - أيضا - لا ريب فيه ، ولكنى لا أدرى ولا أعلم أيتحقق ذلك فى الوقت العاجل القريب ، أم يجعل الله - تعالى - لذلك " أمدا " أى : غاية ومدة معينة من الزمان ، لا يعلم وقتها إلا هو - سبحانه - .

والمقصود من الآية الكريمة : بيان أن العذاب نازل بهم قطعا ولكن موعده قد يكون بعد وقت قريب ، وقد يكون بعد وقت بعيد ، لأن تحديد هذا الوقت مرده إلى الله - تعالى - وحده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

ثم يؤمر الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يتجرد وينفض يديه من أمر الغيب أيضا :

( قل : إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ) . .

إن الدعوة ليست من أمره ، وليس له فيها شيء ، إلا أن يبلغها قياما بالتكليف ، والتجاء بنفسه إلى منطقة الأمان - الذي لا يبلغه إلا أن يبلغ ويؤدي . وإن ما يوعدونه على العصيان والتكذيب هو كذلك من أمر الله ، وليس له فيه يد ، ولا يعلم له موعدا . فما يدري أقريب هو أم بعيد يجعل له الله أمدا ممتدا . سواء عذاب الدنيا أو عذاب الأخرة . فكله غيب في علم الله ؛ وليس للنبي من أمره شيء ، ولا حتى علم موعده متى يكون ! والله - سبحانه - هو المختص بالغيب دون العالمين :

( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ) . .

ويقف النبي [ صلى الله عليه وسلم ] متجردا من كل صفة إلا صفة العبودية . فهو عبد الله . وهذا وصفه في أعلى درجاته ومقاماته . . ويتجرد التصور الإسلامي من كل شبهة ومن كل غبش . والنبي [ صلى الله عليه وسلم ] يؤمر أن يبلغ فيبلغ : ( قل : إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا ، عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ) . .