التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله - سبحانه - : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } بيان لنعمة ثالثة من نعمه - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم . أى : لقد شرحنا لك - أيها الرسول الكريم - صدرك ، وأزلنا عن قلبك الحيرة التى كانت تعتريك قبل تبليغ الرسالة وبعد تبليغها ، بأن يسرنا لك كل صعب .

وفوق ذلك فقد رفعنا كل ذكرك ، بأن جعلناك رفيع الشأن ، سامى المنزلة ، عظيم القدر ، ومن مظاهر ذلك : أننا جعلنا اسمك مقرونا باسمنا فى النطق بالشهادتين .

وفى الأذان ، وفى الإِقامة ، وفى التشهد ، وفى غير ذلك من العبادات ، وأننا فضلناك على جميع رسلنا ، بل على جميع الخلق على الإِطلاق ، وأننا أعطيناك الشفاعة العظمى ، وجعلنا طاعتك من طاعتنا .

قال الآلوسى : أخرج أبو يعلى ، وابن جرير . . عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أتانى جبريل فقال لى : أتدرى كيف رفعك ذكرك ؟ قلت : الله - تعالى- أعلم . قال : " إذا ذُكِرتُ ذُكِرتَ معي " " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُريب وعمرو بن مالك ، قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال : لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ابْدَؤُوا بالعُبُودَةِ ، وَثَنّوا بالرسالة » فقلت لمعمر ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتاة وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ رفع الله ذكره في الدنيا والاَخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحرث ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخُدْرِيّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : «أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ : إنّ رَبّي وَرَبّكَ يَقُولُ : كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال : اللّهُ أعْلَمُ ، قال : إذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

ورفعنا لك ذكرك بالنبوة وغيرها وأي رفع مثل أن قرن اسمه باسمه تعالى في كلمتي الشهادة ، وجعل طاعته طاعته ، صلى عليه في ملائكته ، وأمر المؤمنين بالصلاة عليه ، وخاطبه بالألقاب ، وإنما زاد لك ليكون إبهاما قبل إيضاح فيفيد المبالغة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } معناه ، نوهنا باسمك ، وذهبنا به كل مذهب في الأرض ، وهذا ورسول الله بمكة ، وقال أبو سعيد الخدري والحسن ومجاهد وقتادة : معنى قوله { ورفعنا لك ذكرك } أي قرنا اسمك باسمنا في الأذان والخطب .

وروي في هذا حديث ( إن الله تعالى قال : إذا ذكرت ذكرت معي ){[11886]} وهذا متجه إلى أن الآية نزلت بمكة قديما والأذان شرع بالمدينة ، ورفع الذكر نعمة على الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك هو جميل حسن للقائمين بأمور الناس ، وخمول الذكر والاسم حسن للمنفردين للعبادة ، وقد جعل الله تعالى النعم أقساما بحسب ما يصلح لشخص شخص ، وفي الحديث ( إن الله تعالى يوقف عبدا يوم القيامة فيقول له : ألم أفعل بك كذا وكذا -يعدد عليه نعمه- ويقول في جملتها : ألم أخمل ذكرك في الناس ){[11887]} ؟ والمعنى في هذا التعديد الذي على النبي صلى الله عليه وسلم أي يا محمد فقد جعلنا جميع هذا فلا تكترث بأذى قريش فإن الذي فعل بك هذه النعم سيظفرك بهم وينصرك عليهم .


[11886]:رواه الطبري في تفسيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، من طريق دراج عن أبي الهيثم، ومع صدق دراج في حديثه فإن في روايته عن أبي الهيثم ضعف، ومع ذلك صححه ابن حبان، وأورد السيوطي هذا الحديث في الدر المنثور، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل ، كذلك رواه ابن أبي حاتم عن يونس عن عبد الأعلى به، ورواه أبو يعلى عن دراج.
[11887]:لم أقف عليه.