التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (89)

ولكن القرآن - مع هذا - يفتح باب التوبة لمن أراد أن يتوب ، وينهى الناس عن أن يقنطوا من رحمة الله متى تابوا وأنابوا وأصلحوا فيقول - بعد تلك الحملة المرعبة التي شنها على الكفر والكافرين : - { إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلك وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

أى : أن اللعنة مستمرة على هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم ، وهم خالدون فى العذاب يوم القيامة بدون إمهال أو تأخير ، إلا الذين تابوا منهم عن الكفر الذى ارتكبوه ، وعن الظلم الذى اقترفوه ، وأصلحوا ما أفسدوه بأن قالوا ربنا الله ثم استقاموا على طريق الحق ، وحافظوا على أداء الأعمال الصالحة " فإن الله - تعالى - غفور رحيم " أى فإنه سبحانه يغفر لهم ما سلف منهم من كفر وظلم .

ففى هذه الآية الكريمة إغراء للكافرين بأن يقلعوا عن كفرهم وللمذنبين بأن يثوبوا إلى رشدهم وبأن يتوبوا إلى ربهم ، فإنه - سبحانه - يغفر الذنوب جميعا لمن يتوب ويحسن التوبة ، فهو القائل { قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (89)

ثم استثنى جلّ ثناؤه الذين تابوا من هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم ، فقال تعالى ذكره : { إِلاّ الّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأصْلَحُوا } يعني : إلا الذين تابوا من بعد ارتدادهم عن إيمانهم ، فراجعوا الإيمان بالله وبرسوله ، وصدّقوا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند ربهم . { وأَصْلَحُوا } يعني : وعملوا الصالحات من الأعمال . { فإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يعني فإن الله لمن فعل ذلك بعد كفره { غَفُورٌ } يعني : ساتر عليه ذنبه الذي كان منه من الردّة ، فتارك عقوبته عليه ، وفضيحته به يوم القيامة ، غير مؤاخذه به إذا مات على التوبة منه ، رحيم متعطف عليه بالرحمة .