وبعد أن غرس - سبحانه - الطمأنينة فى قلب موسى وهارون وزودهما بأحكم الوسائل وأنجعها فى الدعوة إلى الحق . . . أتبع ذلك بحكاية جانب من الحوار الذى دار بينهما وبين فرعون بعد أن التقوا جميعها وجها لوجه فقال - تعالى - : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا . . . } .
فقوله - تعالى - : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا ياموسى } حكاية لما قاله فرعون لموسى وهارون - عليهما السلام - بعد أن ذهبا إليه ليبلغاه دعوة الحق كما أمرهما ربهما - سبحانه - .
ولم تذكر السورة الكريمة كيف وصلا إليه . . لأن القرآن لا يهتم بجزئيات الأحداث التى لا تتوقف عليها العبر والعظات ، وإنما يهتم بذكر الجوهر واللباب من الأحداث .
والمعنى : قال فرعون لموسى وهارون بعد أن دخلا عليه . وأبلغاه ما أمرهما ربهما بتبليغه : من ربكما يا موسى الذى ارسلكما إلى ؟
وكأنه - لطغيانه وفجوره - لا يريد أن يعترف بأن رب موسى وهارون هو ربه وخالقه . كما قالا له قبل ذلك { إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ } وخص موسى بالنداء مع أنه وده الخطاب إليهما لظنه أن موسى - عليه السلام - هو الصل فى حمل رسالة الحق غليه ، وأن هارون هو وزيره ومعاونه أو أنه لخبثه ومكره ، تجنب مخاطبة هارون لعلمه أنه أفصح لسانا من موسى - عليهما السلام - .
قال صاحب الكشاف : خاطب فرعون الاثنين ، ووجه النداء إلى أحدهما وهو موسى ، لأنه الأصل فى النبوة ، وهارون وزيره وتابعه ، ويحتمل أن يحمله خبثه ودعارته - أى فسقه - على استدعاء كلام موسى دون كلام أخيه ، لما عرف من فصاحة هارون والرَّتة فى لسان موسى ، ويدل عليه قوله : { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } ولا شك أن ما حكاه الله - تعالى - عن فرعون من قوله { مَن رَّبُّكُمَا يا موسى } يدل على نهاية الغرور والفجور والجحود ، وشبيه بذلك قوله : - سبحانه - حكاية عنه : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ياأيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي . . } وقوله - تعالى - : { فَحَشَرَ فنادى فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.