اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ} (49)

قوله : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يا موسى } وحده بعد مخاطبته لهما معاً{[24638]} إمَّا لأنَّ موسى هو الأصل في الرسالة وهارون تبع وردء ووزير{[24639]} وإما لأن فرعون كان{[24640]} لخبثه يعلم الرُّتَّة{[24641]} التي في لسان موسى ، ويعلم فصاحة هارون بدليل قوله : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً }{[24642]} وقوله : { وَلاَ{[24643]} يَكَادُ يُبِينُ }{[24644]} [ الزخرف : 52 ] فأراد استنطاقه دون أخيه{[24645]} .

وإما لأنه حذف المعطوف للعلم به أي : يا موسى وهارون وقاله أبو البقاء{[24646]} وبدأ به . وقد يقال : حَسَّنَ الحذف كون موسى فاصلة ، لا يقال : كان يغني{[24647]} في ذلك أن يقدم هارون ويؤخر موسى فيقال : يا هارون وموسى{[24648]} فتحصل مجانسة الفواصل من غير حذف ، لأن نداء موسى أهم فهو المبدوء به{[24649]} . واعلم أن في الكلام حذف ، لأنه لما قال { فَأْتِيَاهُ فقولا إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ } إلى قوله : { أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى } أمر من الله تعالى لموسى بأن يقول لفرعون ذلك الكلام والتقدير : فَذَهبا إلى فرعون فقالا له ذلك فقال مجيباً لهما من رَبُّكما ؟{[24650]}


[24638]:في ب: نادى موسى وحده بعد مخاطبتهما معا.
[24639]:في ب: تبعا له في الرسالة.
[24640]:كان: سقط من ب.
[24641]:الرتة: عجلة في الكلام، وقلة أناة، الأرتّ: الذي في لسانه عقدة وحبسة، ويعجل في كلامه فلا يطاوعه لسانه. اللسان (رتت).
[24642]:[القصص: 34].
[24643]:ولا: سقط من ب.
[24644]:من قوله تعالى: {أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين} [الزخرف: 52].
[24645]:انظر الكشاف 2/435.
[24646]:انظر التبيان 2/892.
[24647]:في ب: ينبغي.
[24648]:في ب: يا هارون ويا موسى.
[24649]:في ب: فهو المبدأ به.
[24650]:انظر البحر المحيط 6/247.