التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (99)

{ ما عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ والله يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } .

وأصل البلاغ - كما يقول القرطبي - وهو الوصول . يقال : بلغ يبلغ بلوغا وأبلغه إبلاغا . وبلغه تبليغا ، ومنه البلاغة . لأنها إيصال المعنى إلى النفس في أحسن صورة من اللفظ .

أي : ليس على رسولنا - أيها الناس - إلا تبليغ ما أمرناه بتبليغه إليكم وتوصيل ما كلفناه بتوصيله لكم ، وهو لم يقصر في ذلك ، ولم يأل جهدا في نصحكم وإرشادكم فأطيعوه لتسعدوا واعلموا أن الله - تعالى - يعلم ما تظهرون وما تخفون من خير أو شر ، وسيجازيكم بما تستحقون يوم القيامة .

فالآية الكريمة تأكيد لما اشتملت عليه سابقتها من ترغيب وترهيب ، ومن تبشير وإنذار ، وتصريح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه تبليغ ما كلفه الله بتبليغه إلى الناس ، وليس عليه بعد ذلك هدايتهم أو ضلالهم ، وإنما الله وحده هو الذي بيده ذلك ، وهو الذي بيده حسابهم ومجازاتهم على أعمالهم .