تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (99)

وقوله تعالى : ( ما على الرسول إلا البلاغ ) فيه وجهان :

أحدهما : رد[ في الأصل وم : ردا ] على من يقول : الموعظة لا تنفع ، ولا تنجع فيه ، إذا لم يكن الواعظ مستعملا [ لما يعظ غيره ][ من م ، في الأصل : لا يعظ غير ] ؛ إذ ليس أحد من الخلق أشد استعمالا من الرسل عليهم السلام ثم لا تنفع مواعظهم وذكرهم قومهم ، ولا تنجع فيهم لشؤمهم ولشدة تعنتهم .

والثاني : إنباء أن ( ما على الرسول إلا البلاغ ) ولا ضرر عليهم بترك القوم إجابتهم كقوله تعالى : ( فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوا الله تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين )[ النور : 54 ] .

وقوله تعالى : ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) ( ما تبدون ) من العداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه ونصب[ في الأصل وم : وبنصب ] الحرب والقتال معهم ( وما تكتمون ) من المكر له والقصد لقتله ، كقوله تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )[ الأنفال30 ] كانوا يمكرونه ، ويقصدون قصد إهلاكه ، لكن الله عز وجل أطلع رسوله على مكرهم ، وأخبر أنه يعصمه من الناس ، وقال الله عز وجل : ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا )[ الآية : 64 ] .