التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{أَمۡ لَكُمۡ أَيۡمَٰنٌ عَلَيۡنَا بَٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ} (39)

ثم انتقل - سبحانه - إلى توبيخهم على لون آخر من مزاعمهم فقال : { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إلى يَوْمِ القيامة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ .

أى : وقل لهم - يا محمد - على سبيل إلزامم الحجة : بل ألكم { أَيْمَانٌ } أى : عهود ومواثيق مؤكدة { عَلَيْنَا } وهذه العهود { بَالِغَة } أقصى مداها فى التوكيد ، وثابتة لكم علينا { إلى يَوْمِ القيامة } بأنا قد سوينا بين المسلمين والمجرمين فى أحكامنا ، كما زعمتم أنتم ؟ إن كانت لكم علينا هذه الإيمان والعهود ، فأظهروها للناس ، وفى هذه الحالة يكون من حقكم أن تحكموا بما حكمتم به .

ومما لا شك فيه ، أنهم ليست لهم عهود عند الله بما زعموه من أحكام ، وإنما المقصود من الآية الكريمة ، بيان كذبهم فى أقوالهم ، وبيان أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بجواب يثبتون به مدعاهم .

وقوله : { إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } جواب القسم ، لأن قوله : { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا } بمعنى : أم أقسمنا لكم إيمانا موثقة بأننا رضينا بأحكامكم التى تسوون فيها بين المسلمين والمجرمين .