الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

ثم قال تعالى لنبيِّهِ : { واصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } أي : بمرأى ومنظر ، نرى ونَسْمَعُ ما تقول ، وأَنَّك في حفظنا وحيطتنا ؛ كما تقول : فلان يرعاه المَلِكُ بعين ، وهذه الآية ينبغي أَنْ يُقَرِّرَهَا كُلُّ مؤمن في نفسه ؛ فإنها تُفَسِّحُ مضايق الدنيا .

وقوله سبحانه : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } قال أبو الأحوص : هو التسبيح المعروف ، يقول في كل قيام : سبحان اللَّهِ وبحمدِهِ ، وقال عطاء : المعنى حين تقومُ من كُلِّ مجلس .

( ت ) : وفي تفسير أحمدَ بن نصر الداوودِيِّ قال : وعن ابن المُسَيِّبِ قال : حَقٌّ على كل مسلم أنْ يقول حين يقومُ إِلى الصلاة : سبحان اللَّهِ وبحمده ؛ لقولِ اللَّه سبحانه لِنَبِيِّهِ { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } ، انتهى . وقال ابن زيد : هي صلاة النوافل ، وقال الضَّحَّاكُ : هي الصلوات المفروضة ، وَمَنْ قال هي النوافل جعلَ أدبار النجوم رَكْعَتَيِ الفجر ، وعلى هذا القول جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين ، وقد رُوِيَ مرفوعاً ، ومَنْ جعله التسبيحَ المعروفَ جعل قوله : { حِينَ تَقُومُ } مثالاً ، أي : حين تقومُ وحينَ تَقْعُدُ ، وفي كل تَصَرُّفِكَ ، وحكى " منذر " عن الضَّحَّاكِ أَنَّ المعنى : حين تقومُ في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام ، فقل : «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ، وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ » الحديثَ .