{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا { 88 ) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا { 89 ) تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا { 90 ) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا { 91 ) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا { 92 ) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا { 93 ) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا { 94 ) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا { 95 ) }
وحين رد على عبدة الأوثان عاد إلى الرد على من أثبت له ولدا من اليهود والنصارى والعرب ؛ ومنهم من خص الآية بالرد على العرب القائلين بأن الملائكة بنات الله ، لأن الرد على النصارى تقدم في أول السورة {[1985]} ؛ { وقالوا } قال المجرمون وفيه إسناد ما للبعض إلى الكل { اتخذ الرحمن ولدا . لقد جئتم شيئا إدا } في الآية الثانية رد لمقالتهم التي بينتها الآية قبلها ، [ وفيها التفات من الغيبة إلى الخطاب المنبئ عن كمال السخط وشدة الغضب . . وقيل لا التفات ، والكلام بتقدير : قل لهم لقد جئتم . . والإد . . العجب . . وقيل العظيم المنكر . . وقال الطبري : هو من باب الحذف والإيصال ، أي : جئتم بشيء إد .
{ تكاد السماوات يتفطرن منه } . . الفطر من عوارض الجسم الصلب ، فإنه يقال : إناء مفطور ولا يقال : ثوب مفطور ، بل مشقوق . . { وتنشق الأرض } . . وجه بعضهم اختلاف الصيغة على القول بأن التكثير في الفعل بأن السماوات لكونها مقدسة لم يعص الله تعالى فيها أصلا نوعا ما من العصيان لم يكن لها إلف ما بالمعصية ، ولا كذلك الأرض ؛ فهي تتأثر من عظم المعصية ما لا تتأثر الأرض . . ]{[1986]} ؛
{ وتخر الجبال هدا } وتقارب أو كأنما تريد{[1987]} الجبال أن تسقط مهدودة مهدمة ؛ ف{ هدا } إما فعل مطلق ، لأن { تخر } في معنى تنهد ، أو منصوبة على الحال ؛ { أن دعوا للرحمن ولدا } لكأن المعنى : لأنهم نسبوا إلى الله البر الرحيم العلي العظيم ولدا ؛ قال محمد بن كعب : لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة ، لقوله تعالى : { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هذا . أن دعوا للرحمن ولدا } قال ابن العربي : وصدق ، فإنه قول عظيم سبق به القضاء والقدر ، ولولا أن الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ، ولا يرفعه إيمان المؤمن ، ولا يزيد هذا في ملكه ، كما لا ينقص ذلك من ملكه ، لما جرى شيء من هذا على الألسنة ، ولكنه القدوس الحكيم الحليم ، فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون . . ا ه .
{ وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } لا يصلح له سبحانه ولا يليق بجلاله وعظمته أن يكون له ولد ؛ لأن الولد يشبه أباه ، وربنا لا كفء له ولا شبيه ولا نظير ؛ { إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا } ما كل من في السماوات والأرض إلا وهو مقر لله تعالى بالعبودية ، والذين يتأبون عن الخضوع والانقياد في الدنيا يأتون يوم القيامة صاغرين أذلاء ، فكيف يكون من هو عبد ابنا للمعبود جل وعز ؟ ! .
روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تبارك وتعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد " .
روى ابن جرير{[1988]} عن ابن عباس قال : إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين ، وكادت تزول منه لعظمة الله ، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين ؛ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله أن يشرك به ويجعل له ولد وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم " أخرجاه في الصحيحين ؛ وفي لفظ : " إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم " [ { لقد أحصاهم وعدهم عدا } . . حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يكاد يخرج أحد منهم من حيطة علمه وقبضة قدرته جل جلاله ؛ . . عدّ أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم فإن كل شيء عنده تعالى بمقدار . { وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } أي : منفردا من الأنصار والأتباع ، منقطعا إليه تعالى غاية الانقطاع ، محتاجا إلى إعانته ورحمته عز وجل ، فكيف يجانسه ويناسبه ليتخذه ولدا وليشرك به سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا . . ]{[1989]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.