قوله : { أنْ دَعَواْ }{[22711]} في محله{[22712]} خمسة أوجه :
أحدها{[22713]} : أنه في محل نصب على المفعول من أجله ، قاله أبو البقاء{[22714]} ، والحوفي{[22715]} ، ولم يُبيِّنَا ما العامل فيه ، ويجوز أن يكون العامل " تَكَادُ " ، أو " تَخُرُّ " ، أو " هَدَّا " ، أي : تَهُدُّ لأن دعوا ، ولكن شرطُ النصب هنا{[22716]} مفقود ، وهو اتحاد{[22717]} " الفاعل في المفعول له والعامل فيه{[22718]} ، فإن عنيا على أنه على إسقاط اللام مطرد في " أنْ " فقريب " {[22719]} . وقال الزمخشري : وأن يكون منصوباً بتقدير سقوط اللام " {[22720]} وإفضاء الفعل ، أي هدَّا أن دعوا " {[22721]} ، علل الخرور بالهدِّ ، والهدُّ{[22722]} بدعاء الولد للرحمن{[22723]} .
فهذا تصريح منه على أنه بإسقاط{[22724]} الخافض . " وليس مفعولاً له صريحاً{[22725]} " .
الوجه الثاني : أن يكون مجروراً بعد إسقاط الخافض " {[22726]} كما هو مذهب الخليل{[22727]} والكسائي{[22728]} .
والثالث : أنه بدل من الضمير في " مِنْهُ " {[22729]} كقوله :
عَلَى حَالةٍ لوْ أنَّ في القَوْمِ حَاتِماً *** عَلى جُودهِ لضن{[22730]} بالمَاءِ حاتمِ{[22731]}
" بجر " حاتم " {[22732]} الأخير بدلاً من الهاء في " جوده " .
قال أبو حيان : وهو بعيد لكثرة الفصل بين البدل والمبدل منه بجملتين{[22733]} .
الوجه{[22734]} الرابع : أن يكون مرفوعاً ب " هَدَّا " . قال الزمخشري : أي هدَّهَا دعاءُ الولدِ للرحمن{[22735]} . قال أبو حيان : وفيه بعدٌ ، لأن الظاهر في " هَدَّا " أن يكون مصدراً توكيدياً ، والمصدر التوكيدي لا يعمل{[22736]} ، ولو فرضناه غير توكيدي لم يعمل بقياس إلا إذا كان أمراً ، أو مستفهماً عنه نحو ضرباً زيداً ، وأضربا{[22737]} زيداً ؟ على خلاف فيه{[22738]} ، وأما إن كان خبراً كما قدَّره الزمخشري ، أي : هدَّها دعاء الولد للرحمن{[22739]} .
فلا ينقاس{[22740]} ، بل ما جاء من ذلك هو نادر كقول امرئ القيس{[22741]} :
وقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيُّهُمْ *** يقُولونَ لا تَهْلَكْ أسّى وتجمَّلِ{[22742]}
أي : وقَفَ صَحْبِي{[22743]} .
الخامس : أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ ، تقديره : الموجب لذلك دعاؤهم . كذا قدره أبو البقاء{[22744]} . و " دَعَا " يجوز أن يكون بمعنى سمَّى ، فيتعدى لاثنين ، ويجوز جر ثانيهما بالباء{[22745]} ، قال الشاعر :
دَعَتْنِي أخَاهَا أمُّ عَمْرٍو ولمْ أكُنْ *** أخَاهَا ولَمْ أرْضَعْ لهَا بِلبَانِ
دَعَتْنِي أخَاهَا " بَعْدَمَا كَانَ بَيْنَنَا *** مِنَ الفِعْلِ ما لا يفعلُ الأخوانِ{[22746]} " {[22747]}
ألا رُبَّ مَنْ يُدْعَى نَصِيحاً وإن تَغِبْ *** تَجِدْهُ بِغَيْبٍِ مِنْكَ غَيْرَ نَصِيحِ{[22748]}
وأولهما في الآية محذوف ، قال الزمخشري : طلباً للعموم والإحاطة بكل ما يدعى له ولد ، ويجوز أن يكون من " دَعَا " بمعنى نسب الذي مطاوعه ما في قوله- عليه السلام- : " مَنِ ادَّعى إلى غَيْرِ موالِيهِ " {[22749]} ، وقول الشاعر :
إنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لا نَدَّعِي لأب *** عَنْهُ ولا هُوَ بالأبْنَاءِ يَشْرِينَا{[22750]}
لأي : لا ننتَسِبُ إليه{[22751]} .
" يَنْبَغِي " {[22752]} مضارع انْبَغَى ، وانْبَغَى مطاوعٌ لبغى ، أي : طلب ، و " أنْ يتَّخِذَ " فاعله{[22753]} . وقد عد ابن مالك{[22754]} " يَنْبَغِي " في الأفعال التي لا تتصرف{[22755]} .
وهو مردودٌ عليه ، لأنه قد سُمِعَ فيه الماضي قالوا : انْبَغَى{[22756]} . وكرَّر لفظ " الرَّحْمَنِ " تنبيهاً على أنه - تعالى- هو الرحمنُ وحدهُ ، لأن أصول النعم وفروعها ليست إلا منه{[22757]} .
فصل{[22758]}
قال ابن عباس{[22759]} وكعب : فَزِعَت السماوات والأرضُ والجبالُ وجميعُ الخلائق إلا الثقلين ، وكادت أن تزول ، وغضبت الملائكةُ ، واستعرت جهنم حين قالوا : لله ولدٌ ، ثم نفى الله- تعالى{[22760]}- عن نفسه فقال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.