الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَن دَعَوۡاْ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٗا} (91)

في { أَن دَعَوْا } ثلاثة أوجه : أن يكون مجروراً بدلاً من الهاء في منه ، كقوله :

غَلَى حَالَةٍ لَوْ أَنَّ فِي الْقَوْمِ حَاتِمَاً *** عَلَى جُوِدِهِ لَضَنَّ بِالْمَاءِ حَاتِمُ

ومنصوباً بتقدير سقوط اللام وإفضاء الفعل ، أي : هذا لأن دعوا ، علل الخرور بالهدّ ، والهدّ بِدُعَاءِ الولد للرحمن . ومرفوعاً بأنه فاعل هدّاً ، أي هدها دعاء الولد للرحمن . وفي اختصاص الرحمن وتكريره مرات من الفائدة أنه هو الرحمن وحده ، لا يستحق هذا الاسم غيره . من قبل أنّ أصول النعم وفروعها منه : خلق العالمين ، وخلق لهم جميع ما معهم ، كما قال بعضهم : فلينكشف عن بصرك غطاؤه . فأنت وجميع ما عندك عطاؤه . فمن أضاف إليه ولداً فقد جعله كبعض خلقه وأخرجه بذلك عن استحقاق اسم الرحمن . هو من دعا بمعنى سمى المتعدي إلى مفعولين ، فاقتصر على أحدهما الذي هو الثاني ، طلباً للعموم والإحاطة بكل ما دعى له ولداً . أو من دعا بمعنى نسب ، الذي مطاوعه ما في قوله عليه السلام . " مَنْ ادَّعى إلى غيرِ مواليه " وقول الشاعر :

إنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لاَ نَدَّعِي لأبٍ ***

أي لا ننتسب إليه .