{ قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين . قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم } قال القوم حين رجعوا إلى طعامهم الذي كانوا تركوه عند أصنامهم ، وأبصروا ما حل بأوثانهم قالوا : إن الذي فعل هذا بآلهتنا لم يكن له أن يفعل بها ذلك ، ولقد تجاوز حده إذ صنع بها ما صنع ، فقد حطمها واستخف بها ! واستهان بأقدارها بدلا من تعظيمها ! فقال بعض منهم : كان الفتى إبراهيم يتوعد آلهتنا بسوء ، أو كان يعيبها فهو الذي يظن به أن يكون قد كسرها .
{ قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون } قال كبراؤهم فأحضروا إبراهيم على مشهد من الناس ومرأى ليحضروا عقوبتنا ، فلا يقدم أحد على مثل ما أقدم عليه ؛ أو لعل قوما يشهدون بأنهم رأوه يكسر الأصنام ؛ قال قتادة : كرهوا أن يأخذوه بغير بينة{[2162]} اه .
{ قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم } كأن في الكلام حذفا ، تقديره : فلما أتوا به قالوا ؛ لما لم يكن السماع عاما ولا ثبتت الشهادة ، استفهموا هل فعل أم لا ؟ . . فقال لهم إبراهيم على جهة الاحتجاج عليهم : { بل فعله كبيرهم هذا } . . . . . . . وكان قوله من المعاريض ، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب . . . لكنها أثرت في الرتبة ، وخفضت عن محمد المنزلة ، واستحيا منها قائلها ، على ما ورد في حديث الشفاعة ؛ فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم إجلالا لله . . . . لكنه رخص له فقبل الرخصة ، فكان ما كان من القصة ؛ ولهذا جاء في حديث الشفاعة : " إنما اتخذت خليلا من وراء وراء " . . على البناء كخمسة عشر {[2163]} .
[ وغير مستحيل أن يكون الله تعالى ذكره أذن لخليله في ذلك ليقرع قومه به ، ويحتج به عليهم ، ويعرفهم موضع خطئهم وسوء نظرهم لأنفسهم ، كما قال مؤذن يوسف لإخوته : { . . . أيتها العير إنكم لسارقون ){[2164]} ؛ ولم يكونوا سرقوا شيئا ] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم عليه السلام لم يكذب غير ثلاث : ثنتين في ذات الله{[2165]} قوله { بل فعله كبيرهم هذا } وقوله { إني سقيم } قال وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة إذ نزل منزلا فأتى الجبار رجل فقال : إنه قد نزل ههنا رجل بأرضك معه امرأة أحسن الناس ، فأرسل إليه فجاءه فقال : ما هذه المرأة منك ؟ قال : أختي ، قال : فاذهب فأرسل بها إلي ، فانطلق إلى سارة فقال : إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده فإنك أختي في كتاب الله وإنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك ، فانطلق بها إبراهيم ثم قام يصلي فلما أن دخلت عليه فرآها أهوى إليها فتناولها فأخذ أخذا شديدا فقال ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت له فأرسل فأهوى إليها فتناولها فأخذ بمثلها أو أشد ففعل ذلك الثالثة فأخذ فذكر مثل المرتين الأوليين فقال : ادعي الله فلا أضرك فدعت له فأرسل ثم دعا أدنى حجابه فقال : إنك لم تأتني بإنسان ولكن أتيتني بشيطان أخرجها وأعطها هاجر ، فأخرجت وأعطيت هاجر فأقبلت لما حس إبراهيم بمجيئها انفتل من صلاته وقال مهيم أي ما الخبر وماذا حدث لك ؟ ! قالت كفى الله كيد الكافر الفاجر فأخدمني هاجر " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.