الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالُواْ مَن فَعَلَ هَٰذَا بِـَٔالِهَتِنَآ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (59)

ثم قال تعالى ذكره : { فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم }[ 58 ] .

أي : فجعل الأصنام حطاما إلا صنما{[46031]} كبيرا لهم ، فإنه تركه لم يحطمه ، وعلق الفأس في{[46032]} عنقه ليحتج به عليهم إن فطنوا به ، وهو صنم كبير في الصورة .

وقيل : هو أكبرها{[46033]} عندهم ، لا أكبرها في صورته .

وقوله : { لعلهم إليه يرجعون }[ 58 ] .

أي : لعلهم يؤمنون به{[46034]} إذا رأوها مكسرة لم تدفع عن أنفسها ضر من أرادها ، ولم يدفع عنها كبيرها شيئا .

قال السدي : ( قال أبو{[46035]} إبراهيم له ، إن لنا عيدا لو خرجت معنا ، والله{[46036]} قد أعجبك ديننا . فلما كان يوم العيد خرجوا إليه ، معهم إبراهيم فلما كان ببعض الطريق ، ألقى نفسه{[46037]} وقال : إني سقيم أشتكي رجلي وهو صريع . فلما مضوا ، نادى في آخرهم وقد بقي ضعفاء الناس { وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } فسمعوها منه . ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة ، فإذا هن{[46038]} في بهو عظيم ، مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه{[46039]} أصغر منه ، بعضها إلى جنب بعض يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاما فوضعوه بين يدي الآلهة . قالوا : إذا كان حين نرجع ، رجعنا وقد باركت الآلهة في طعامنا ، فأكلنا . فلما نظر إليها إبراهيم ، وإلى ما بين أيديها من الطعام . قال : { فقال ألا تاكلون } فلم تجبه . فقال : { ما لكم لا تنطقون } فأخرج{[46040]} حديدة فنقر كل صنم في حافتيه ، ثم علق الفأس في عنق الصنم الأكبر ، ثم خرج ، فلما رجعوا ، قالوا : { قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين }{[46041]} .

( والجذاذ ) بالضم جمع جذاذة ، كزجاجة وزجاج . وقيل{[46042]} : هو مصدر كالحطام والرفات . ومن كسر جعله جمع جذيذ{[46043]} وجذيذ معدول عن مجذود كجريح بمعنى مجروح ، فيكون ككبير وكبار وصغير وصغار وثقيل وثقال .

وقال قطرب{[46044]} : هو مصدر ضم أو كسر أو فتح ، وهي لغات فيه{[46045]} . بمعنى والجذاذ . أي : الحطام والفتات ، ومنه الجذيذة .


[46031]:ز: صنم. خطأ.
[46032]:ز: على.
[46033]:ز: أكبر ما. (تصحيف).
[46034]:به سقطت من ز.
[46035]:أبو سقطت من ز.
[46036]:والله سقطت من ز.
[46037]:ز: في نفسه.
[46038]:ز: هي.
[46039]:ز: جانبه.
[46040]:ز: فخرج.
[46041]:انظر: جامع البيان 17/38 وزاد المسير 5/357 وحاشية الصاوي 3/80.
[46042]:انظر: معاني الزجاج 3/396.
[46043]:ز: جذيذة.
[46044]:انظر: تفسير القرطبي 11/298، والقائل هو محمد بن المستنير، أبو علي النحوي المعروف بقطرب، لازم سيبويه، وكان يدلج إليه فإذا خرج رآه على بابه، فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل. فلقب به. أخذ عن عيسى بن عمر، وكان يرى رأي المعتزلة النظامية (ت: 206 هـ). انظر ترجمته في بغية الوعاة 1/242.
[46045]:ع: وهي فيه لغات فيه وما أثبتناه فمن ز.