{ يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما 1 واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا 2 وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 3 }
ينادي الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم – ليستديم التقوى ويثبت عليها ، وينهاه عن مطاوعة الكافرين – المستعلنين بتكذيبهم وكفرهم – والمنافقين الذي يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام ، إن ربك المعبود بحق كان ولا يزال محيط العلم بكل معلوم ، حكيم التدبير في كل شأن ، ويأمره ربه بالتزام منهاج الوحي الذي أنزل إليه من لدن البر الرحيم ، فإن المعبود بحق يعلم أعمالكم ، وأعمال الكافرين والمنافقين مهما كبر مكرهم ، وطم كيدهم ) . . وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال( {[3592]} ، واتخذ الله الكبير المتعال وكيلا في كافة شئونك ، فبحسبك هو ، يكفيك ويحفظك ، ويتولى كل أمر لمن توكل عليه[ والإظهار في مقام الإضمار- ذكر الاسم الجليل ولم يذكر الضمير- للتعظيم ، ولتستقل الجملة استقلال المثل ]{[3593]} .
أخرج ابن جرير عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : إن أهل مكة منهم الوليد بن المغيرة ، وشيبة بن ربيعة دعوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم- وفي رواية : ويزوجه شيبة بنته- وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه ، فنزلت .
وذكر الثعلبي والواحدي –بغير إسناد- أن أبا سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا عليه- عليه الصلاة والسلام- في زمان الموادعة التي كانت بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبينهم وقام معهم عبد الله بن أبي ، ومعتب ابن قشير ، والجد بن قيس ، فقالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ارفض ذكر آلهتنا وقل : إنها تشفع وتنفع وندعك وربك ، فشق ذلك على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين وهموا بقتلهم فنزلت .
[ وقيل : متعلق كل من التقوى والإطاعة مغاير للآخر على ما روى الواحدي والثعلبي ، والمعنى : اتق الله تعالى في نقض العهد ، لما أن المؤمنين قد هموا بما يقتضيه ، بخلاف الإطاعة المنهي عنها- إطاعة الكافرين والمنافقين- فإنها مما لم يهم بما يقتضيها أحد أصلا ، فكان الاهتمام بالأمر أتم من الاهتمام بذلك النهي . ]{[3594]} .
يقول ابن كثير- في معنى قوله المولى تبارك اسمه- { يا أيها النبي اتق الله . . } : هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى . اه
مما أورد القرطبي : قوله تعالى : { يا أيها النبي اتق الله } ضمت[ أي ] لأنه نداء مفرد ، والتنبيه لازم لها ، و{ النبي } نعت لأي عند النحويين . . . { ولا تطع الكافرين } من أهل مكة ، يعني أبا سفيان وأبا الأعور ، وعكرمة ، { والمنافقين } من أهل المدينة ، يعني عبد الله بن أبي وطعمة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فيما نهيت عنه . . . { وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا } أي كافيا لك ما تخافه منهم ، و{ بالله } في موضع رفع لأنه الفاعل ، { وكيلا } نصب على البيان أو الحال .
يقول النحاس : ودل بقوله : { إن الله كان عليما حكيما } على أنه كان يميل إليهم استدعاء لهم إلى الاسلام ، أي لو علم الله عز وجل أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنه ، لأنه حكيم ، ثم قيل : الخطاب له ولأمته . اه
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.