فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ وَمَا جَعَلَ أَزۡوَٰجَكُمُ ٱلَّـٰٓـِٔي تُظَٰهِرُونَ مِنۡهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمۡۚ وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ قَوۡلُكُم بِأَفۡوَٰهِكُمۡۖ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ} (4)

{ تظاهرون } تقولون للزوجة : أنت علي كظهر أمي ، والمعنى : أنت محرمة علي لا تركبين كما لا يركب ظهر الأم .

{ أدعياءكم } جمع دعي ، وهي الذي يدعي ابنا[ يتبنى ] .

{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواههم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل4 }

أبطلت الآية الكريمة مزاعم ثلاثة كان الناس يتعارفون عليها : فليس صحيحا ما يدعي من أن لرجل أكثر من قلب ، ومنكر وزور أن يقول رجل لزوجته : أنت علي كظهر أمي ، فما بهذا صارت الزوجة أما ، وإنما الأم من ولدته ، فألزمكم عقوبة لكم كفارة ، كما لا يرضى ربكم أن تجعلوا من تبنيتم ابنا ينسب إليكم ، إنما هو قول بالأفواه ، [ وعرف خاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية ]{[3595]} ولا يثبت بهذه الدعوى نسب الذي ادعيت بنوته ، ولا تصير الزوجة أما بقول الرجل لها : أنت علي كظهر أمي ، وما يقوله ربنا هو الصدق والعدل ، وهو سبحانه يرشد ويدل على طريق الخير ، ويحبب إلى السعداء الإيمان والقسط والبر . [ ومعنى التنكير في { رجل } وزيادة{ من } الاستغراقية : التأكيد ، كأنه قيل : ما جعل الله لنوع الرجال ولا لواحد منهم قلبين البتة ]{[3596]} .

والمراد : ما خلق سبحانه لأحد أو لذي قلب من الحيوان مطلقا قلبين ، فخصوص الرجل ليس بمقصود ، وتخصيصه بالذكر لكمال لزوم الحياة فيه ، فإذا لم يكن ذلك له فكيف بغيره من الإناث ؟

قال مجاهد : نزلت في رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهائه ، وكان يقول : إن لي في جوفي قلبين ، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ! وقيل : لا يجتمع الكفر والإيمان بالله تعالى في قلب ، كما لا يجتمع قلبان في جوف .


[3595]:ما بين العارضتين مقتبس من رسالة التعاليم، بتصرف.
[3596]:مما أورد النيسابوري.