فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا} (6)

{ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا6 }

رسول الله خاتم النبيين أولى بالمؤمنين وأحق وأرفق بهم من أنفسهم ، لأن أنفسهم قد تدعوهم إلى الهلاك والسوء ، وهو -صلى الله عليه وسلم – يدعوهم إلى النجاة والفوز والرشد ، وقيل : هو إذا أمر بشيء ودعت النفس إلى غيره كان أمر النبي أولى .

في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه{[3598]} وأنا آخذ بحجزكم{[3599]} وأنتم تقحمون فيه : وفي رواية جابر : " وأنتم تفلتون من يدي : ، ويروي : " أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها تقحم الفراش " .

[ قوله تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } هذه الآية أزال الله تعالى بها أحكاما كانت في صدر الإسلام ، منها : أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على ميت عليه دين ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته " أخرجه الصحيحان ، وفيهما أيضا : " فأيكم ترك دينا أو ضياعا فأنا مولاه " . . . . { وأزواجه أمهاتهم } شرف الله تعالى أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهات المؤمنين ، أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال . . . . . قوله تعالى : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين . . } أراد بالمؤمنين الأنصار وبالمهاجرين قريشا . . . . عن قتادة قال : كان نزل في سورة الأنفال : )والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا . . ( {[3600]} فتوارث المسلمون بالهجرة ، فكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المسلم المهاجر شيئا حتى يهاجر ، ثم نسخ ذلك في هذه السورة بقوله : { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض . . } . . . . { في كتاب الله . . } يحتمل أن يريد القرآن ، ويحتمل أن يريد : اللوح المحفوظ الذي كتب فيه أحوال خلقه . . و{ من المؤمنين } متعلق ب { أولى } . . . قوله تعالى : { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } يريد الإحسان في الحياة ، والوصية عند الموت ، أي إن ذلك جائز . . . . { في الكتاب مسطورا } . . . قال قتادة : أي مكتوبا عند الله عز وجل ألا يرث كافر مسلما . . ]{[3601]} .


[3598]:أي في المستوقد.
[3599]:الحجز: معقد السراويل، وهذا مثل لاجتهاد نبينا عليه الصلاة والسلام في نجاتنا.
[3600]:من الآية 72.
[3601]:مما أورده القرطبي.