فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ} (32)

{ ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين31 قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين 32 وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون 33 }

يتخاصم الفجار والكفار ، إذ يؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ويوقفون بين يدي الواحد القهار ، ويتحاورون ويتراجعون القول ، فيقول الضعفاء الذي كانوا أتباعا لجبابرة الكفر : لولا أنتم لصدقنا مع المصدقين ، فيرد عليهم أكابر فجارهم- مستنكرين لقيلهم : ما صددناكم عن الهدى وقد تبين لكم ، لكنكم زينت لكم الشرور ، وعبدتم أهواءكم ، فيجيب الضعفاء : بل صدنا عن الهدى مكر الليل والنهار بنا ، عن سعيد بن جبير{ بل مكر الليل والنهار } قال : مر الليل عليهم فغفلوا ، وقيل طول السلامة فيهما كقوله تعالى : ) . . فطال عليهم الأمد . . ( {[3767]} وقيل بل مكركم في الليل والنهار أي مسارتكم إيانا ، ودعاؤكم لنا إلى الكفر حملنا على هذا ، إذ تأمروننا أن نجحد ولا نستيقن بالله ، وأغريتمونا أن نجعل لله أشباها ونظراء ، وأضمروا الحسرة حين عاينوا سوء المصير ، واستيقنوا أن لا ملجأ لهم بعدئذ ومالهم من نصير ، وقيل { أسروا } من باب الأضداد ، تعني الإضمار ، وتعني الإظهار ، وربطت الملائكة الخزنة أعناق الكافرين بالسلاسل والقيود- وما ظلمهم الله وإنما جزاهم ببغيهم- فاللهم قنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار .


[3767]:سورة الحديد. من الآية 16.