السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ} (32)

ولما لم يتضمن كلامهم سوى قضية واحدة ذكر الجواب عنها بقوله تعالى : { قال الذين استكبروا } على طريق الاستئناف { للذين استضعفوا } رداً عليهم وإنكاراً لقولهم إنهم هم الذين صدوهم { أنحن } خاصة { صددناكم } أي : منعناكم { عن الهدى بعد إذ جاءكم } أي : على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام لم نفعل ذلك ؛ لأن المانع ينبغي أن يكون أرجح من المقتضى حتى يعمل عمله ، والذي جاء به الرسل هو الهدى والذي صدر من المستكبرين لم يكن شيئاً يوجب الامتناع من قبول ما جاؤوا به فلم يصح تعلقكم بالمانع ، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الذال عند الجيم ، والباقون بالإدغام وأمال الألف بعد الجيم حمزة وابن ذكوان وفتحها الباقون ، وكذا الإظهار والإدغام في { إذ تأمروننا } ( سبأ : 32 ) وإذا وقف حمزة على { جاءكم } سهل الهمزة مع المد والقصر ، وله أيضاً إبدالها ألفاً مع المد والقصر { بل كنتم } أي : جبلة وخلقاً { مجرمين } أي : كافرين لاختياركم لأقوالنا وتسويلنا .

فإن قيل : إذ وإذا من الظروف الملازمة للظرفية فلم وقعت إذ مضافاً إليها ؟

أجيب : بأنه قد اتسع في الزمان ما لم يتسع في غيره فأضيف إليها الزمان كما أضيف إلى الجمل في قولك : جئتك بعد إذ جاء زيد وحينئذٍ ويومئذٍ .