تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ} (32)

الآية 32 [ وقوله تعالى ]{[17034]} : { قال الذين استكبروا للذين استُضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين } .

قوله : { أنحن صددناكم } هو على التقرير ، أي نحن لم نصدّكم ، وإن كان ظاهره استفهاما ، ولكن أنتم بأنفسكم تركتم اتّباعه .

[ يخبر الله عز وجل أن الرؤساء ]{[17035]} كانوا يقولون للأتباع : { ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون } [ المؤمنون : 33 ] أخبروهم{[17036]} أنه بشر مثلهم . ثم أخبروهم أنكم { ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون } [ المؤمنون : 34 ] ونحن بشر ، فكيف اتبعتمونا ، وأطعتمونا ؟ { بل كنتم مجرمين } في اتباعكم ما اتّبعتموه .

[ ويحتمل ]{[17037]} أن يكون قوله : { لولا أنتم لكنا مؤمنين } [ وجهين :

أحدهما ]{[17038]} : أي لولا تلبيسكم علينا وتمويهُكم أن الرسل كذبة ، وأنهم سحرة في ما يقولون ، ويدعون ، وأنهم يفترون على الله ، وإلا { لكنا مؤمنين } .

والثاني : لولا منعكم إيانا عن النظر والتفكّر من أمورهم والتأمل في الحُجج والآيات { لكنا مؤمنين } .

هذا قول الأتباع للرؤساء .

ثم أجاب لهم الرؤساء : فقالوا : { أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين } يقولون ، والله أعلم : إن صددناكم ، ومنعناكم عن اتباعهم ظاهرا وعلانية [ فما منعكم أن تتّبعوه ]{[17039]} سرّا من غير أن نطّلع ، ونعلم نحن بذلك . أو ما ذكرنا من قولنا{[17040]} : { ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون } ؟ [ المؤمنون : 34 ] وقد عرفتم أنا بشر مثلكم ، فأطعتمونا ، وتركتم طاعة الرسل لأنهم بشر .


[17034]:ساقطة من الأصل وم.
[17035]:في الأصل: لأن الرؤساء عنهم، في م: لأن الرؤساء منهم.
[17036]:في الأصل وم: اخبروا.
[17037]:في الأصل وم: أو.
[17038]:ساقطة من الأصل وم.
[17039]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: فمتى منعناكم.
[17040]:في الأصل وم: قوله.