الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ هذا } إشارة إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن ، إذ لا صراط أقوم منه ، ونحو التنكير فيه ما في قول كثيِّرُ :

لَئِنْ كَانَ يُهْدَى بَرْدُ أَنْيَابِهَا الْعُلى *** لأَفْقَرَ مِنِّي إنَّنِي لَفَقِيرُ

أراد : إنني لفقير بليغ الفقر ، حقيق بأن أوصف به لكمال شرائطه فيّ ، وإلا لم يستقم معنى البيت ، وكذلك قوله : { هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ } يريد : صراط بليغ في بابه ، بليغ في استقامته ، جامع لكل شرط يجب أن يكون عليه . ويجوز أن يراد : هذا بعض الصرط المستقيمة ، توبيخاً لهم على العدول عنه ، والتفادي عن سلوكه ، كما يتفادى الناس عن الطريق المعوج الذي يؤدي إلى الضلالة والتهلكة ، كأنه قيل : أقل أحوال الطريق الذي هو أقوم الطرق : أن يعتقد فيه كما يعتقد في الطريق الذي لا يضل السالك ، كما يقول الرجل لولده وقد نصحه النصح البالغ الذي ليس بعده : هذا فيما أظنّ قول نافع غير ضار ، توبيخاً له عن الإعراض عن نصائحه .